الخميس، 9 أكتوبر 2014

المراجع "الحديثية" المعتمدة عند الشيعة



مسألة هامة جدا، لا بد من إدراكها، وهي إن حقيقة المذهب الشيعي تستقر في كتب المذهب المرجعية، وهي "الكتب الثمانية". وقد يقول بعض الشيعة إن بعض ما في هذه الكتب غير صحيح، لكن لا يستطيع أي شيعي أن ينكر مرجعيتها في الجملة. والسبب أنها مصدر المذهب، ومصدر التعريف بعقائد، وافكار، ومنهج، وفقه المذهب، ولذلك فالمنكر لها منكر للمذهب بالضرورة. وهذه مسألة هامة لفهم التشيع والمذهب الشيعي، وهي في نظري أهم من تناول المذهب الشيعي من جهة العقائد، أو المواقف التاريخية، و المذهبية والفقهية مباشرة. 

وكمثال على ما أقول مستفيدا مما ذكر في الهوامش من شرح الفكرة، أن القرآن (حاشاه) نفسه عالة على هذه الكتب، التي تفسر القرآن بمعاني وردت فيها منسوبة للأئمة، ليس لها أي علاقة بظاهر القرآن، ومع ذلك فتفسير تلك الكتب هو المعنى الملزم للشخص الشيعي، ولا يجوز له أن يأخذ بظاهر القرآن بدلا منها.

وباختصار فإن عمدة المذهب الشيعي على ثمانية كتب منها الأربعة القديمة والأربعة المتأخرة .

فالاربعة القديمة هي : 

- الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني توفي 329هـ

- "من لا يحضره الفقيه" للصدوق محمد بن بابويه القمي توفي 381هـ

- تهذيب الأحكام لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي توفي 360 هـ

- الاستبصار للطوسي أيضا.

والأربعة المتأخرة هي :

- الوافي لمحمد بن مرتضى الكاشاني توفي 1091 هـ.

- بحار الأنوار الجامعة لددر أخبار الأئمة الأطهار لمحمد بن باقر المجلسي توفي 1111هـ.

- وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة لمحمد بن الحسن الحر العاملي توفي 1104هـ. 

- مستدرك الوسائل لحسين النوري الطبرسي توفي 1320هـ.

وهناك كتاب هام عند الشيعة لا يذكر بين الثمانية، مع أنه بكامله موجود في إحداها، وهو أقدم منها جميعا وهو كتاب: "بصائر الدرجات في علوم آل محمد وما خصهم الله به" لمحمد بن حسن الصفار القمي توفي 290 هـ. وهذا الكتاب غاية في الغلو في آل البيت، وتكفير الصحابة، والطعن في كتاب الله سبحانه، والجزم بتحريفه. ولسبب أو لآخر لا يذكر الكتاب بين كتب العمدة، لكنه على كل حال منقول بالكامل وبحذافيره في كتاب البحار للمجلسي. 

وسنعرض لكتاب مزعوم يحاول الشيعة أن يسابقوا به أهل السنة في أقدمية التأليف لأن كتبهم كلها متأخرة. بعدها نتناول الكتب الثمانية بالتحليل والتعليق ومن ثم نتناول بإذن الله علم الحديث والرجال والتخريج عند الشيعة.

كتاب سليم بن قيس "المزعوم"

نظرا لغياب المدونات الشيعية القديمة (من خلال ما ترى من تواريخ الوفيات) يحاول الشيعة التعويض عن ذلك، من خلال كتاب منسوب لشخص أسموه سليم بن قيس الهلالي من أصحاب الإمام علي كما يدعى.

تقول أسطورة هذا الكتاب إن سليم بن قيس كان من أصحاب الإمام علي، وأنه هرب من الحجاج، ولجأ إلى أبان بن أبي عياش ومات عنده. وعندما حضرته الوفاة أعطاه ذلك الكتاب. ويقر الشيعة بأن الكتاب لم يروه عن سليم المزعوم هذا غير أبان بن أبي عياش (الفهرست لابن النديم219، روضات الجنات للخوانساري 4/67، رجال الحلي83، جامع الرواة الأردبيلي1/347، البرهان للبروجردي104). والآن لنرى من هو سليم بن قيس ومن هو أبان بن أبي عياش:

وعند أهل السنة سليم بن قيس شخصية مختلقة، لم يرد لها ذكر في كتب التاريخ ولا الرجال ولا الرواة. وقد استقصى أحد الباحثين هذه الكتب، مثل الطبري، وبن كثير، وشذرات الذهب، وطبقات بن سعد، ولسان الميزان، والتاريخ الكبير، والصغير، وتهذيب الكمال، وغيرها من كتب التاريخ، والرجال فلم يجد له أي ذكر على الإطلاق. أما مصادر الشيعة ففي رجال الحلي ص 83 يقول "إن سليما لا يعرف ولا ذكر في خبر". والسؤال الذي يثار، أنه كيف يكون شخصاً مهماً، يؤلف أول كتاب بهذا الحجم والأهمية، ولا يرد له ذكر مطلقا في كتب التاريخ والرجال، مع أن كتب الرجال سمت كل أبناء الطوائف الأخرى؟

أما أبان بن أبي عياش فاسمه فيروز بن اسماعيل الذي توفي 138 هـ. وأبان هذا مجروح عند أهل السنة، فما بين من اعتبره متروك الحديث، مثل الإمام أحمد، وبين من اتهمه بالكذب مثل شعبة. ومتهم كذلك عند كتاب الرجال من الشيعة بالوضع، بل متهم بأنه وضع الكتاب كاملا. انظر رجال الحلي 206 والرجال لابن داود 413. وحدد الشعراني في تعليقه على شرح المازنداني للكافي تاريخ وضعه بأنه آخر الدولة الأموية 2/373 .

وبناء على ذلك فمؤلف الكتاب مجهول والذي روى عنه كذاب عند اهل السنة، ووضاع عند الشيعة.

لكن الكتاب حتى بدون النظر في سنده ساقط متنا لأن فيه ثغرات يستحيل أن يكون معها كتابا صحيحا. 

الثغرة الأولى التي امتلأ منها الكتاب هي الغلو في علي، أشد من غلو بعض المحدثين، فهو يخاطب عليا بـ (يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن يا من هو بكل شيء عليم) وأن الشمس خاطبت عليا بذلك، وسمعها أبو بكر وعمر، والمهاجرون والأنصار، فصعقوا ثم أفاقوا بعد ساعات. كتاب سليم 83 . والكتاب ملئ بمثل هذا الغلو الكفري الصريح.

الثغرة الثانية وجود بعض الروايات التي تكشف الكذب بشكل صريح، والتي أشار إليها حتى علماء الرجال عند الشيعة. فالكتاب يقول "إن محمد بن أبي بكر وعظ أباه عند الموت لأنه غصب الإمامة من علي". قالوا كيف يعظ أباه وعمره حين مات أبوه ثلاث سنوات، والسنة والشيعة متفقون أنه ولد في حجة الوداع؟ روضات الجنات للخوانساري 4/67 ورجال الحلي 83.

الثغرة الثالثة وهي القاتلة عند الشيعة الإثناعشرية، ما ورد فيه من أن الإئمة ثلاثة عشر وليسوا إثني عشر. وهذا ما أدى إلى جزم بعض علماء الشيعة بأن الكتاب "موضوع لا مرية فيه" رجال الحلي 83 والرجال لابن داود 413.

غير أنه (وكدليل على انعدام المنطق عند الشيعة و تلذذهم بالاختلاق والكذب) يصر الأكثر من الشيعة على اعتماد هذا الكتاب، وينسبون لآل البيت تزكية له.

يقول النعماني "وليس بين الشيعة خلاف في أن كتاب سليم بن قيس أصل من أكبر كتب الأصول وأقدمها .... وهو من الأصول التي ترجع الشيعة لها وتعول عليها" الغيبة 61 وفي وسائل الشيعة كلام قريب 20/210

وقال المجلسي "هو أصل من أصول الشيعة وأقدم كتاب صنف في الإسلام" ثم أورد أربع روايات (بهتانا) بأن علي بن الحسين قال بعد أن قرئ عليه الكتاب "صدق سليم" البحار 1/156

وقد خرّج عليه واعتمد على روايته الكافي في الأصول، والصدوق في من لايحضره الفقيه، والطبرسي في الاحتجاج، والمفيد في الاختصاص، وفرات في التفسير وغيرهم.

بل بعضهم زعم أن جعفر الصادق قال " من لم يكن عنده من شيعتنا ومحبينا كتاب سليم بن قيس فلم يكن عنده من أمرنا شيئ ولا يعلم من أسبابنا شيئا وهو سر من أسرار آل محمد" هامش وسائل الشيعة 20/42 والذريعة للطهراني 2/152

واضطرب الأمر على بعضهم، فسعى للترقيع بين من قال إنه موضوع، ومن قال إنه أصل من أصول الشيعة فقال " إنه موضوع لغرض صحيح" الشعراني تعليق على شرح الكافي 2/373 . ورقع آخر بقوله "والوجه عندي الحكم بتعديل المشار إليه والتوقف في الفاسد من كتابه" الحلي 83 ووسائل الشيعة 20/210. سبحان الله حتى الكلام الفاسد يتوقف فيه ولا يعلن استنكاره!!.

ويعتبر هذا الكتاب، وطريقة نسخه، من نماذج كذب الشيعة حتى في الكتابة، وليس في الرواية الشفوية فقط، حيث قيل أن النسخ المتأخرة في الكتاب ليس فيها ما جاء مما قرأه الأولون وذكروه ووثقوه في كتبهم. يقول العاملي "والذي وصل إلينا من نسخه ليس فيها شيئ فاسد ولا شيئ مما استدل به على الوضع" الوسائل 20/210 . وحدد الخوانساري أحد التحريفات في النسخ بقوله "إن ما وصل إلينا من نسخ الكتاب هو أن عبد الله بن عمر وعظ أباه عند الموت" روضات الجنات 4/69. تغيير محمد بن أبي بكر بعبد الله بن عمر انقلاب كامل، لأن شخصية عبد الله بن عمر ليست مما يمكن أن ينسب لها مواقف شبيهة بمواقف محمد بن أبي بكر.


الكتب الأربعة الأولى

سبقت الإشارة إلى أن كتب الحديث عند الشيعة ثمانية، منها الأربعة القديمة، والاربعة المـتأخرة. ونختار الآن تعليقنا على الكافي والكتب الأربعة. وقبل الحديث عن الكتاب ننقل نموذجين عن ما كتب عن أهمية وصحة هذه الكتب الأربعة:

قال الفيض الكاشاني المتوفي سنة 1091 هـ: "ان مدار الأحكام الشرعية اليوم على هذه الأصول الأربعة ، وهي المشهود عليها بالصحة من مؤلفيها" الوافي : 1/11. 

وقال أغا بزرك الطهراني: "الكتب الأربعة والمجاميع الحديثية التي عليها استنباط الأحكام الشرعية حتى اليوم" الذريعة 2/14. 

وجاء عن هذه الكتب كلام كثير لكن نكتفي بهذين النقلين.

الكافي 

اول هذه المصادر وأصحها عندهم الكافي، لمحمد بن يعقوب الكليني، جاء في الذريعة : 17 / 245، النوري/ و مستدرك الوسائل : 3 / 432، ومقدمة الكافي للحر العاملي ووسائل الشيعة 20 / 71 ، ان هذا الكتاب أصح الكتب الأربعة المعتمدة عندهم، وانه كتبه في فترة الغيبة الصغرى التي بواسطتها يجد طريقاً إلى إثبات منقولاته من خلال التحقق منها عن طريق المهدي والأبواب. 

وبلغت احاديث الكافي كما يقول العاملي 16099 حديثاً، أعيان الشيعة1 / 280 . وشرح الكافي عدد من شيوخهم ومن شروحه مرآة العقول للمجلسي، وقد أعتنى المجلسي بالحكم على احاديث الكافي من ناحية الصحة والضعف وصحح روايات تحريف القران. ومن شروحه كذلك شرح المازندارني للكافي المسمى شرح جامع، وكذلك الشافي شرح أصول الكافي. 

والمجلدان الأول والثاني من الكافي، تسمى الكافي في الاصول، وهي أصول الكافي، وتتعلق بمسائل التوحيد، والعدل، والإمامة، وأكثر ما فيها يدور حول عقائدهم، وآرائهم في الإمامة، والأئمة الاثنى عشر، والنص عليهم، وصفاتهم، وأحوالهم، وزيارة القبور، والحديث عن اعدائهم، وعلى رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونلحظ أن كل شيء تقريبا، يدور في فلك الإمامة، والأئمة، وقضايا العقيدة. أما المجلدات الباقية، فهي في الفقه، وهو ما يسمى (فروع الكافي). وبذلك يختلف الكافي عن الكتب الثلاثة الأولى والتي خصصت للفقه فقط. ويعتقد أن كثيرا مما في الكافي منقول، من كتاب بصائر الدرجات، دون العزو له، وهذا الكتاب كما أشرنا سابقا من أشد الكتب غلوا في آل البيت، والطعن في القرآن والصحابة رضي الله عنهم.

ومثل كثير من كتب الشيعة، هناك كلام كثير عن تزوير ضخم، حصل في نسخ هذا الكتاب، ففي حين يقول حسين بن حيدر الكركي العاملي (المتوفي سنة 1076 هـ): إن كتاب الكافي خمسون كتابا بالأسانيد التي فيه لكل حديث متصل بالأئمة. روضات الجنات 6/ 114، بينما نرى شيخهم الطوسي (المتوفى سنة 360 هـ) يقول: "كتاب الكافي مشتمل على ثلاثين كتابا اخبرنا بجميع رواياته الشيخ" الفهرست 161. فهل زيد على الكافي للكليني فيما بين القرن الخامس والحادي عشر عشرون كتابا ، مع أن كل كتاب يضم عشرات الأبواب ، وكل باب يشمل مجموعة من الاحاديث. واختلفوا هل كتاب الروضة- وهو أحد كتب الكافي التي تضم مجموعة من الابواب وكل باب يتضمن عددا كبيرا من الاحاديث- هل هو من تأليف الكليني أم مزيد فيما بعد على كتابة الكافي، روضات الجنات 6/ 118- 176. فكأن أمر الزيادة شيء طبيعي ووارد في كل حال. 

ومن العجائب، أن كتاب الكافي لم يشر إليه أحد من أهل السنة، حتى كبار العلماء المحققين المهتمين بالشيعة، من أمثال ابن حزم وابن تيمية والذهبي، ولم يكن معروفا سوى في مدونات عند الشيعة، إلى أن بعث من جديد في الحكم الصفوي، ربما بعد التزوير والتحريف. مما يعني أن الكتاب كان يُتداول سرا، وبنسخ نادرة تسمح بالتزوير بسهولة، ولا يستبعد حتى أن تكون اُختلقت ونسبت للأولين. 

قارن بين هذا، وبين البخاري ومسلم اللذين نقلا بالتواتر حفظا ونسخا منذ أن كتبا. فالنووي مثلا، يروي صحيح مسلم في شرحه عن ست طرق مستقلة تماما حفظا، غير النسخ المكتوبة، وبن حجر يروي البخاري حفظا بالاسناد بطرق أكثر، مستقلة غير النسخ المكتوبة كذلك. أما كتب الشيعة كالكافي فليس فيها حفظ، ولا وسيلة في التأكد من النسخ، بل ولا حتى تأكيد أنها كانت موجودة على مدى قرون من السنين.

بقية الكتب الأربعة الأولى 

ثانيا: من لا يحضره الفقيه لمحمد بن بابوية القمي المتوفي سنة 381 المشهور بالصدوق (يسمونه الصدوق رغم انه كذب أكبر كذبة بزعمه لقاء المهدي) واشتمل الكتاب على 176 بابا اولها باب الطهارة وآخرها باب النوادر ، وبلغت أحاديثه (9044) وقد ذكر في مقدمة كتابه أنه ألفه بحدف الأسانيد لئلا تكثر طرقه وانه استخرجه من كتب مشهورة عندهم وعليها المعول، ولم يورد فيه إلا ما يؤمن بصحته. أنظر في التعريف بهذا الكتاب الخوانساري / روضات الجنات6 / 230- 237 وأعيان الشيعة : 1 / 280 ، مقدمة من لا يحضرة الفقيه.

ثالثا تهذيب الأحكام لشيخ الطائفة أبي جعفر بن الحسن الطوسي المتوفي سنة 360 هـ انظر في التعريف به : النوري الطبرسي / مستدرك الوسائل : 3 / 719 ، الذريعة : 4/ 504 مقدمة تهذيب الأحكام . وقد ألفه لمعالجة التناقض والاختلاف الواقع في رواياتهم ولكنه بدلا من ذلك أدى إلى زيادة الخلاف والاختلاف ، وبلغت أبوابه 393 بابا . بل إن الطوسي قال بإنه "جمع في كتابه تهذيب الأحكام جميع ما يتعلق بالفقه من احاديث أصحابهم وكتبهم وأصولهم لم يتخلف عن ذلك إلا نادر قليل وشاذ يسير" الاستبصار 1 /2. ومثلما قيل عن الكافي في تزوير النسخ أو حتى الاختلاق يقال عن التهذيب، فحين يقول كثير إن كتاب تهذيب الأحكام للطوسي بلغت احاديثه (13950) حديثاً كما ذكر ذلك أغا بزرك الطهراني في الذريعة، الذريعة : 4/ 504، ومحسن العاملي في أعيان الشعية، أعيان الشيعة 1/ 288، وغيرهما من شيوخهم المعاصرين فان الشيخ الطوسي نفسه صرح في كتابه عدة الأصول بأن أحاديث التهذيب واخباره تزيد على (5000) ومعني ذلك أنها لا تصل إلا إلى (6000) في أقصى الأحوال، أنظر الإمام الصادق ص 458، فهل زيد عليها أكثر من الضعف في العصور المختلفة، أم أن هذه الكتب وضعت فيما بعد، في أيام الدولة الصفوية، ونسبت لشيوخهم الأوائل؟ ؟!

رابعا: الاستبصار للطوسي أيضا، واعتبروه كتابا مستقلا مع إنه اختصار للكتاب السابق كما صرح بذلك الطوسي في مقدمة الاستبصار. الاستبصار 1/ 2-3 . وكما يبدو واضحاً لمن شاء المقارنة بين الكتابين.

وفي الجملة فإن فكرة الفقه والتبويب في هذه الكتب، تقليد لأهل السنة، لأن الشيعة لم يكن عندهم فقه مستقل، إلا بعد تأليف هذه الكتب، بل إنهم يعترفون أن جمهور الشيعة كانوا قديما يقلدون السنة في المسائل الفقهية، بسبب غياب النص الذي يعملون به. وقد أقر الشيعة بأنه لم يبلغهم علم الحلال والحرام ومناسك الحج إلا عن طريق ابي جعفر وأقروا بأن الشيعة قبل ذلك كانوا يتعبدون فيما جاء عن صحابة رسول- صلى الله عليه وسلم، "كانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم لا يعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى كان أبو جعفر ففتح لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم، حتى صار الناس يحتاجون إليهم من بعد ما كانوا يحتاجون الى الناس" أصول الكافي 2/20، تفسير العياشي 1/ 252- 253، البرهان 1/ 386، رجال الكشي 425. 

وعلماء السنة ذكروا مبكرا أن هذه الإشكالية موجودة في الفقه كذلك وليس في العقيدة فقط. وقد نقل ابن عقيل الفقيه الحنبلي بعض هذه المسائل وهو يتعجب منها. كما سجلها ابن الجوزي في المنتظم ( المنتظم 8 / 120 ) من خط ابن عقيل. وأشار بن الجوزي إليها في كتابه الموضوعات بقوله "ولقد وضعت الرافضة كتابا في الفقه وسموه مذهب الإمامية، وذكروا فيه ما يخرق إجماع المسلمين مما ليس عليه دليل أصلاً" الموضوعات 1/ 338. لكن الشيعة أنفسهم كانوا مهتمين بهذا التفرد عن باقي الفرق الإسلامية فقد جمع جزءاً منها شيخهم المرتضى في كتاب سماه الانتصار طبع عدة طبعات ويسمى مسائل الانفرادات في الفقه، (لؤلؤ البحرين ص 320).

الكتب الأربعة المتأخرة

1) الوافي (لشيخهم محمد بن مرتضى المعروف بملا محسن الفيض الكاشاني المتوفى سنة 1091 هـ ويقع في 3 مجلدات كبار، وطبع في إيران، وبلغت أبوابه 273 بابا، وعدوه أصلاً مستقلاً، مع انه عبارة عن جمع لأحاديث الكتب الأربعة المتقدمة ( الكافي والتهذيب والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه ) فكيف يعد أصلاً خامساً، ومستقلاً وهو تكرار لأحاديث الكتب الأربعة؟ مرة أخرى غيرة من أهل السنة ومحاولة تكثير عدد كتبهم. 

وقال محمد بحر العلوم- من المعاصرين- بأنه يحتوي على نحو خمسين الف حديث.( لؤلؤ البحرين "الهامش" ص 122 ) بينما يذكر محسن الأمين بأن مجموع ما في الكتب الأربعة (44244) حديثا (أعيان الشيعة : 1 / 280 ) وهذه نفس المشكلة في تزوير النسخ في كتبهم وتأليف مزيد من الأحاديث وزعم نسبتها للكتب القديمة أو للأئمة.

2) بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار لمحمد باقر المجلسي ( المتوفي سنة 1110 او 1111 هـ)، قالوا بأنه أجمع كتاب في الحديث، جمعه مؤلفه من الكتب المعتمدة عندهم. جمع فيه مؤلفه رواياتهم عن الأئمة من كتبهم الأربعة التي عليها المدار في جميع الأعصار- كما يقولون- وزاد عليها روايات أخذها من كتب الأصحاب المعتبرة تزيد على 70 كتابا، كما ذكر صاحب الذريعة. لكن المجلسي نفسه يقول "اجتمع عندنا بحمد الله سوى الكتب الربعة نحو مائتي كتاب ، ولقد جمعتها في بحار الانوار" اعتقادات المجلسي ص 24، مصطفي الشيبي / الفكر الشيعي ص 61. 

وتجد ان بحار الأنوار وضعه مؤلفه في خمس وعشرين مجلدا ولما كبر المجلد الخامس والعشرين جعل شطراً منه في مجلد آخر فصار المجموع (26) مجلداً، أنظر الذريعة 3 / 27، فقام المعاصرون وزادوا فيه كتباً ليست من وضع المؤلف، كجنة المأوى للنوري الطبرسي، وهداية الأخبار للمسترحمي، ومجلدات في الإجازات، ليبلغوا به في طبعة جديدة مائة وعشرة مجلدات تبدأ من الصفر، حيث إن المجلد الأول يحمل رقم صفر. وموضوع البحار تتعلق بمسائل التوحيد والعدل والإمامة، وأكثر ما فيها يدور حول عقائدهم، وآرائهم في الإمامة، والأئمة الاثنى عشر والنص عليهم، وصفاتهم، وأحوالهم، وزيارة القبور، والحديث عن اعدائهم، وعلى رأسهم صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ونلحظ أن كل شيء –في الغالب- يدور في فلك الإمامة والأئمة.

3) وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، تأليف شيخهم محمد بن الحسن الحر العاملي المتوفي سنة 1104 هـ. وذكر العاملي بأنه توفر عنده اكثر من ثمانين كتابا، عدا الكتب الأربعة، وقد جمع ذلك في وسائل الشيعة انظر الوسائل ج1، المقدمة، والذريعة 4 / 352 – 353. ولكن ذكر الشيرازي في مقدمة الوسائل بأنها تزيد على 180 ولا نسبة بين القولين إلا احتمال التزوير والكذب. 

وقد ذكر الحر العاملي، أسماء الكتب التي نقل عنها، فبلغت أكثر من ثمانين كتابا، وأشار إلى انه رجع الى كتب غيرها كثيرة، الا انه أخذ منها بواسطة من نقل عنها ( طبع ثلاثة مجلدات عدة مرات، ثم طبع أخيرا بتصحيح وتعليق بعض شيوخهم في عشرين مجلدا ) ( الشيرازي مقدمة الوسائل ، أعيان الشيعة 1 / 292- 293، الذريعة 4 / 352-353، الحر العاملي وسائل الشيعة 1 /4-8 و ج 20/ 36-49 ).

4) مستدرك الوسائل، لحسين النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320هـ. قال أغا بزوك الطهراني "اصبح كتاب المستدرك كسائر المجاميع الحديثه المتأخره في أنه يجب على المجتهدين الفحول أن يطلعوا عليها ويرجعوا إليها في أستباط الأحكام، وقد أذعن بذلك جل علمائنا المعاصرين " الذريعة 2 / 110-111 ، ثم استشهد ببعض أقوال شيوخهم المعاصرين باعتماد المستدرك من مصادرهم الأساسية، الذريعة 2/ 111.

ولكن يبدو أن البعض لم يوافق على ذلك، فنجد صاحب أحسن الوديعة، ينتقد بشدة هذا الكتاب ويقول بانه "نقل منه عن الكتب الضعيفة الغير معتبرة ... والأصول الغير ثابته صحة نسختها حيث إنها وجدت مختلفة النسخ أشد الاختلاف"، ثم قال بان أخباره مقصورة على ما في البحار، وزعها على الأبواب المناسبة للوسائل، كما قابلته حرفا بحرف (محمد مهدي الكاظمي / أحسن الوديعة ص 74 ). وقد جمع فيه ثلاثة وعشرين ألف حديث عن لأئمة (الذريعة 21/ 7) لم تعرف من قبل فهي متأخرة عن عصور الأئمة بمئات السنين . 

فإذا كان هؤلاء قد جمعوا تلك الأحاديث عن طريق السند والرواية، فكيف يثق عاقل برواية لم تسجل طيلة أحد عشر قرناً، او ثلاثة عشر قرناً !! وإذا كانت مدونة في كتب فلم يعثر على هذه الكتب إلا في القرون المتأخرة. 

أما المؤلف الطبرسي نفسه، فيقول أنه عثر على كتب لم تدون من قبل، رغم انه من المعاصرين، يقول أغا بزرك الطهراني " والدافع لتأليفه عثور المؤلف على بعض الكتب المهمة التي لم تسجل في جوامع الشيعة من قبل" الذريعة 21/ 7 وجعلوا هذه الأحاديث المكتشفة، والتى جمعها مستدرك الوسائل، مما لا يستغى عنه قال الخراساني كما ينقل صاحب الذريعة بان الحجة عندهم في قول شيوخهم – هكذا-. وقد تستمر مسيرة الاكتشافات للكتب والروايات.

وكما ذكرنا سابقا فالوسائل ومستدرك الوسائل كتب في الفقه، بينما البحار في العقائد أو ما يسمونها الأصول. وأما الوافي فهو جمع للكتب الأربعة.

الحكم بصحة هذه المدونات، أو الكتب، أو "الأحاديث"، عملية تحتاج لتحليل طويل، يستعرض فيه منهج الشيعة في الرواية. وأول مرحلة في دراسة منهج الرواية، هو معرفة طبقات الرواة عند الشيعة، بدءا بالصحابة، وانتهاء بكتّاب الكتب الثمانية. ثم بعد ذلك ينظر في نظام الرواية، وطريقتهم في توثيق الرجال، وطريقتهم في تصحيح الأحاديث.


هناك 13 تعليقًا:

  1. السبئية هم أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي. قيل: إنه من الحيرة (1) بالعراق، وقيل: –وهو الراجح- إنه من أهل اليمن من صنعاء (2)، وقيل أصله رومي (3). أظهر الإسلام في زمن عثمان خديعة ومكراً، وكان من أشد المحرضين على الخليفة عثمان رضي الله عنه حتى وقعت الفتنة.
    وهو أول من أسس التشيع على الغلو في أهل البيت، ونشط في التنقل من بلد إلى بلد؛ الحجاز والبصرة والكوفة، ثم إلى الشام، ثم إلى مصر وبها استقر، ووجد آذاناً صاغية لبثّ سمومه ضد الخليفة عثمان والغلو في علي، وهذا النشاط منه في نشر أفكاره مما يدعو إلى الجزم بأن اليهود يموِّلونه، إذ كلما طرد من بلد انتقل إلى آخر بكل نشاط، ولاشك أنه يحتاج في تنقله هو وأتباعه إلى من يموِّلهم وينشر آراءهم، ومن يتولى ذلك غير اليهود الذين آزروه في إتمام خطته ليجنوا ثمارها بعد ذلك الفرقة وتجهيل المسلمين والتلاعب بأفكارهم.
    وقد بدأ ينشر آراءه متظاهراً بالغيرة على الإسلام، ومطالباً بإسقاط الخليفة إثر إسلامه المزعوم. ثم دعا إلى التشيع لأهل البيت وإلى إثبات الوصاية لعلي إذ إنه –كما زعم- ما من نبي إلا وله وصي، ثم زعم بعد ذلك أن علياً هو خير الأوصياء بحكم أنه وصي خير الأنبياء. ثم دعا إلى القول بالرجعة (4) ثم إلى القول بألوهية علي، وأنه لم يقتل بل صعد إلى السماء، وأن المقتول إنما هو شيطان تصور في صورة علي، وأن الرعد صوت عليّ، والبرق سوطه أو تبسمه، إلى غير ذلك من أباطيله الكثيرة. وفيما أرى أنه قد بيّت النية لمثل هذه الدعاوى، ولهذا لم يفاجئه موت علي بل قال وبكل اطمئنان وثبات لمن نعاه إليه: (والله لو جئتمونا بدماغه في صرة لم نصدق بموته، ولا يموت حتى ينزل من السماء ويملك الأرض بحذافيرها) (5).
    وهذه الرجعة التي زعمها لعلي كان قد زعمها لمحمد صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: (إنه ليعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع، ويكذب بأن محمداً يرجع). واستدل بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ [القصص:85].
    وقد كذب عدو الله وأخطأ فهم الآية أو تعمد ذلك في أن المعاد هنا هو رجوع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا قبل يوم القيامة، فلم يقل بهذا أحد من المفسرين، وإنما فسروا المعاد بأنه: الموت.
    أو الجنة.
    أو أنه رجوع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه يوم القيامة. أو رجوعه إلى مكة (6).
    وهي أقوال لكل واحد منها حظ من النظر بخلاف قول ابن سبأ، فإنه قول يهودي حاقد كاذب على الله دون مبالاة. وقد تبرأ جميع أهل البيت من هذا اليهودي، ويذكر أن بعض الشيعة قد تبرأ منه أيضاً (7).

    ردحذف
    الردود
    1. اءعلم رحمك ان التوحيد هو اءفرد الله بالعبادة وهو دين الرسل عليهم الصلاة والسلام الذين اءرسلهم الله اءلى عباده لما غلوا في الصالحين فاءولهم نوح عليه الصلاة والسلم==اغلو في الصالحين ودا = ويغوث= ونسرا=) واءخرهم محمد عليه الصلاة والسلام كسر صور هؤلاء الصالحين والتوحيد هو لغة وحد=يوحد) اءي جعل الشيء واحدا= وهذا لا يتحقق ءالا بنفي واءثبات==نفي الحكم عما سوى الموحد= واءثباته له = لاءن النفي وحده تعطيل= والاءثبات وحده لا يمنع المشاركة=فمثلا لا يتم للاءنسان التوحين=حتى يشهد اءن لااءله لامعبود بحق اءلا الله=)اءلا الله= مثبتا العبادة لله وحده لاشريك له في عبادته لاشريك له في ملكه هنا توحيد الاءلوهية فهو دين الرسل = فكلهم اءرسلو بهذا الاءصل الذي هو التوحيد==قال الله تعالى=) ولقد بعثنا في كل اءمة اءن اءعبدو الله واءجتنبوا الطاغوت=) وقال الله تعالى=) وما ارسلنا قبلك من رسول اءلا نوحي اءنه لا اءله اءلا اءنا فاعبدون=) ارسله الله اءلى قومه لما غلوا في الصالحين == وسبب كفر بن اءدم من اليهود والنصارى والصوفية والرافظة== الغلو في حب الصالحين== قال ابن العباس رظي الله عنه==هذه اسماء رجال صالحين من قوم نوح= فلما هلكوا اءوحى الشيطان اءلى قومهم اءن اءنصبوا اءلى مجالسهم التي كانو يجلسون فيها اءنصابا = وسموها باءسما هم ففعلوا= ولم تعبد حتى اءذا هلك اولئك ونسي اللعلم عبدت=)واءخر الرسل محمد عليه الصلاة والسلام اءرسله=)فاءن قيل اءن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام= ينزل اءخر الزمان ويكسر الصليب ويهدم القبور التي تعبد من دون الله ولا يقبل الا الا سلام=) وارسله الله الى قوم يحجون ويذكرون الله كثيرا= ولكنهم يجعلون= بعظى الوسائط بينهم وبين الله== ويقولون= نريد منهم التقرب= اءلى الله= ونريد شفاعتهم= مثل الملائكة وعيسى وسيدي اءحمد== اءنهم اءنما يعبدون سيدي احمد هذه الاقبور والاءصنام= لتقربهم اءلى الله زلفى= فهم مقرون اءنها من دون الله==واءنها لا تملكلهم ضرا ولا نفعا= واءنهم شفعاء لهم عند اللهعز وجل= ولكن هذه الشفا عة باطلة لا تنفع صاحبها لاءن الله يقول=) فما تنفعهم شفاعة الشافعين=) وذالك لاءن الله تعالى =لا يرظى لهؤلاء المشركين شركهم ولا يمكن اءن ياءذن بالشفاعة لهم= لاءنه لا شفاعة اءلا لمن اءرتظاه الله عز وجل= والله لا يرظى لعباده الكفر ولايحب الفساد=)=== فتعلق عباد القبور باءلهتم وصالحيهم ويعبو دونها = ويقلون ) هؤلاء شفعا ئنا عند الله )= فتعلق باطل غير نافع= بل هذا لايزيدهم من الله تعالى= اءلابعدا على اءن المشركون يرجون الشفاعة= اءصنامهم وصالحيهم==بوسيلة باطلة= وهي عبادة هذة الاصنام والقبور والاء ظرحة= وهذا = من جهلهم وسفههم اءن يحاولو التقرب اءلى الله تعالى بما يزيدهم بعدا=) ومزالو على هذا الكفر وعبادة الاصنام والقبور = حتى بعث الله الرسول عليه الصلاة والسلام يجدد لهم دين اءبيهم اءبراهيم= ويخبرهم اءن التقرب والاءعتقاد محظى حق الله تعالى= لا يصلح شيء= لغير الله تعالى لا لملك مقرب ولا =لنبي ولا للصالح= ولا لنبي مرسل فضلا من غيرهما=) وءلا فهؤلاء الشركون الذين بعث فيه النبي عيه الصلاة والسلام== يشهدون ان لاخالق ولا رازق اءلا الله= واءن الله يحي ويميت=) وكذالك الصوفية عباد القبور يشهدون== اءن خالق ولا رازق اءلا الله ويعبدون القبور ويطفون بها كطوافهم بالكعبة= ويذبحون لاصنامهم== من القبور ءاولياء المشعوذين=) الصوفية كلاب جهنم=)

      حذف
  2. المبحث الرابع: نزعة التشيع وإذا كان هذا في عموم النزعات المذهبية، فلنزعة التشيع – وهي موضع البحث – من ذلك نصيب وافر، ويشخص لنا شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – داء المذهبية عند الرافضة، وعمق الكذب عن الشيعة حين يقول: ولهذا كانوا أكذب فرق الأمة، فليس في الطوائف المنتسبة إلى القبلة أكثر كذبا ولا أكثر تصديقا للكذب وتكذيبا للصدق منهم، وسيما النفاق فيهم أظهر من في سائر الناس، وهي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ((آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان)) (1) وفي رواية: ((أربع من كن فيه كان منافقا خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)) (2) وكل من جربهم يعرف اشتمالهم على هذه الخصال، ولهذا يستعملون " التقية " التي هي سيما للمنافقين واليهود ويستعملونها مع المسلمين يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [الفتح: 11]. ويحلفون ما قالوا وقد قالوا، ويحلفون بالله ليرضوا المؤمنين والله ورسوله أحق أن يرضوه ... (3).
    وينتهي – ابن تيمية – إلى أنهم شرّ من عامة أهل الأهواء، وأحق بالقتال من الخوارج، وهذا – كما يقول – هو السبب فيما شاع في العرف العام أن أهل البدع هم الرافضة (4).
    وأنهم إن لم يكونوا شراً من " الخوارج " المنصوصين فليسوا دونهم (5) , ثم يعرض للمقارنة بين النحلتين، ومؤكداً أن الخوارج أقل ضلالا من الروافض مع أن كل واحدة من الطائفتين مخالفة لكتاب الله وسنة رسول الله ومخالفة لصحابته وقرابته، ومخالفون لسنة خلفائه الراشدين ولعترته أهل بيته (6).
    وينقل لنا في كتابه (منهاج السنة) اتفاق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف، وأن الكذب فيهم قديم (7). (أ) وقعة صفين: وهو أحد كتب نصر بن مزاحم المنقري الكوفي المتوفي سنة 212هـ، وله كتب أخرى أمثال: (الغارات) كتاب (الجمل) (مقتل حجر ابن عدي)، (مقتل الحسين بن علي (1).
    ونصر بن مزاحم هذا من أعلام الشيعة الغالين، قال فيه العقيلي: كان يذهب إلى التشيع وفي حديثه اضطراب وخطأ كثير، ثم ساق له نموذجا يمثل انحرافه في المرويات في تفسير قوله تعالى: وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [الزمر: 33].
    قال نصر: الذي جاء بالصدق محمد، والذي صدق به علي، ثم علق العقيلي على ذلك بقوله: وهذا لا يتابع عليه (2).
    كما ترجم له الخطيب في تاريخه، ونقل طرفا من أقوال العلماء فيه، فعن الجوزجاني قوله: كان نصر زائغاً عن الحق مائلاً، ثم علق الخطيب بقوله: أراد بذلك غلوه في الرفض، كما أنه نقل عن صالح بن محمد قوله: نصر بن مزاحم روى عن الضعفاء أحاديث مناكير، وعن الحافظ أبي الفتح محمد بن الحسين قوله: نصر بن مزاحم غال في مذهبه (3) ,
    وقال عنه الذهبي: رافضي جلد تركوه، ثم نقل عن أبي خيثمة: كان كذّاباً.
    وعن أبي حاتم: واهي الحديث متروك، وقال الدارقطني: ضعيف (4).
    كما ذكره ابن عدي في الضعفاء وساق عدداً من أحاديث رواها، ثم علق ابن عدي بقوله: " وهذه الأحاديث لنصر بن مزاحم مع غيرها مما لم أذكرها عمن رواها عامتها غير محفوظة " (5). نقل أو اختلق صاحب (وقعة صفين) خطبة علي حين عزم على الخروج إلى صفين، وكان مما جاء فيها:" سيروا إلى أعداء السنن والقرآن، سيروا إلى بقية الأحزاب، قتلة المهاجرين والأنصار .. " (6).
    وفي خطبة أخرى لا تقل سوءا عن سابقتها ينسب نصر بن مزاحم إلى علي أن سبب امتناع معاوية عن البيعة إنما كان ثأراً لدماء في الجاهلية إذ يقول: " ثم التفت – يعني علياً – إلى الناس فقال: فكيف يبايع معاوية علياً وقد قتل أخاه حنظلة، وخاله الوليد، وجدّه عتبة في موقف واحد، والله ما أظن أن يفعلوا، ولن يستقيموا لكم دون أن نقصد فيه المرّان، وتقطع على هامتهم السيوف وتشرحوا حواجبهم بعمد الحديد، وتكون أمور جمة بين الفريقين (7).
    وحاشا علياً أن يقول مثل ذلك، وقاتل الله داء النزعة المذهبية وتلك آثارها.
    وفي رواية ثالثة يصوّر – صاحب (وقعة صفين) – معاوية رجلا محتالاً يبحث عن رجال يتحدثوا له في مسبّة علي ويقول: " لما قدم عبيد الله بن عمر بن الخطاب على معاوية بالشام أرسل معاوية إلى عمرو بن العاص فقال: إن الله قد أحيا لك " عمر " بالشام بقدوم " عبيد الله " وقد رأيت أن أقيمه خطيبا فيشهد على علي بقتل عثمان وينال منه، فقال: الرأي ما رأيت، فبعث إلى عبيد الله فأتاه فقال له معاوية: يا ابن أخي إن لك اسم أبيك فانظر بملء عينيك وتكلم بكل فيك فاصعد المنبر واشتم علياً واشهد عليه أنه قتل عثمان ".

    ردحذف
  3. إن الشيعة حاولوا خداع الناس بأنهم موالون لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم أقرب الناس إلى الصحة والصواب من بين طوائف المسلمين، وأفضلهم وأهداهم لتمسكهم بأقارب النبي صلى الله عليه وسلم وذويه، وإن المتمسكين بأقوالهم، والعاملين بهديهم، والسالكين مسلكهم، والمتتبعين آثارهم وتعاليمهم هم وحدهم لا غيرهم.
    ولقد فصلنا القول فيما قبل أن القوم لا يقصدون من أهل البيت أهل بيت النبوة، وأنهم لا يوالونهم ولا يحبونهم، بل يريدون ويقصدون من وراء ذلك علياً رضي الله عنه وأولاده المخصوصين المعدودين.
    ونريد أن نثبت في هذا الباب أن الشيعة لا يقصدون في قولهم إطاعة أهل البيت واتباعهم لا أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولا أهل بيت علي رضي الله عنه فإنهم لا يهتدون بهديهم. ولا يقتدون برأيهم، ولا ينهجون منهجهم، ولا يسلكون مسلكهم، ولا يتبعون أقوالهم وآراءهم، ولا يطيعونهم في أوامرهم وتعليماتهم بل عكس ذلك, يعارضونهم ويخالفونهم مجاهرين معلنين قولاً وعملاً، ويخالفون آراءهم وصنيعهم مخالفة صريحة. وخاصة في خلفاء النبي الراشدين، وأزواجه الطاهرات المطهرات، وأصحابه البررة، حملة هذا الدين ومبلغين رسالته إلى الآفاق والنفس، وناشرين دين الله، ورافعين راية الله، ومعلنين كلمته، ومجاهدين في سبيله حق جهاده، ومقدمين مضحين كل غال وثمين في رضاه، راجين رحمته، خائفين عذابه، قوامين بالليل، صوامين بالنهار الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه المحكم: لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42].
    ذكرهم فيه جل وعلا: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [السجدة:16]. وقال تبارك وتعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:191].
    وقال وهو أصدق القائلين حيث يصف أصحاب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح:29].
    وقال سبحانه، ما أعظم شأنه، في شركاء غزوة تبوك: لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة:117].
    كما قال في الذين شاركوه في غزوة الحديبية: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [الفتح: 18 - 19].

    ردحذف
  4. إن الشيعة حاولوا خداع الناس بأنهم موالون لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم أقرب الناس إلى الصحة والصواب من بين طوائف المسلمين، وأفضلهم وأهداهم لتمسكهم بأقارب النبي صلى الله عليه وسلم وذويه، وإن المتمسكين بأقوالهم، والعاملين بهديهم، والسالكين مسلكهم، والمتتبعين آثارهم وتعاليمهم هم وحدهم لا غيرهم.
    ولقد فصلنا القول فيما قبل أن القوم لا يقصدون من أهل البيت أهل بيت النبوة، وأنهم لا يوالونهم ولا يحبونهم، بل يريدون ويقصدون من وراء ذلك علياً رضي الله عنه وأولاده المخصوصين المعدودين.
    ونريد أن نثبت في هذا الباب أن الشيعة لا يقصدون في قولهم إطاعة أهل البيت واتباعهم لا أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولا أهل بيت علي رضي الله عنه فإنهم لا يهتدون بهديهم. ولا يقتدون برأيهم، ولا ينهجون منهجهم، ولا يسلكون مسلكهم، ولا يتبعون أقوالهم وآراءهم، ولا يطيعونهم في أوامرهم وتعليماتهم بل عكس ذلك, يعارضونهم ويخالفونهم مجاهرين معلنين قولاً وعملاً، ويخالفون آراءهم وصنيعهم مخالفة صريحة. وخاصة في خلفاء النبي الراشدين، وأزواجه الطاهرات المطهرات، وأصحابه البررة، حملة هذا الدين ومبلغين رسالته إلى الآفاق والنفس، وناشرين دين الله، ورافعين راية الله، ومعلنين كلمته، ومجاهدين في سبيله حق جهاده، ومقدمين مضحين كل غال وثمين في رضاه، راجين رحمته، خائفين عذابه، قوامين بالليل، صوامين بالنهار الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه المحكم: لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42].
    ذكرهم فيه جل وعلا: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [السجدة:16]. وقال تبارك وتعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:191].
    وقال وهو أصدق القائلين حيث يصف أصحاب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح:29].
    وقال سبحانه، ما أعظم شأنه، في شركاء غزوة تبوك: لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة:117].
    كما قال في الذين شاركوه في غزوة الحديبية: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [الفتح: 18 - 19].

    ردحذف
  5. ... وأما الشيعة الذين يزعمون أنهم أتباع أهل البيت والمحبون الموالون لهم، فإنهم يرون رأيا ... محترقين على جهادهم المستمر، ومنتقمين على فتوحاتهم الجبارة الكثيرة التي أرغمت أنوف أسلافهم، وكسرت شوكة ماضيهم ومزقت جموع أحزابهم، ودمرت ديارهم وأوكار كفرهم، الصحابة الذين أذلوا الشرك والمشركين، وهدموا الأوثان والأصنام التي كانوا يعبدونها ويعتكفون عليها، أزالوا ملكهم وسلطانهم، وخربوا قصورهم وحصونهم ومنازلهم، وأنزلوا فيها الفناء، وأعلوا عليها راية التوحيد وعلم الإسلام شامخاً مترفرفاً، فاجتمع أبناء المجوس واليهود، وأبناء البائدين الهالكين الذين أرادوا سد هذا النور النير، والوقوف في سبيل وطريق هذا السيل العرم، اجتمعوا ناقمين، حاقدين، حاسدين، محترقين، واقتنعوا بقناع الحب لآل البيت - وآل البيت منهم براء - وسلّوا سيوف أقلامهم وألسنتهم ضد أولئك المجاهدين المحسنين، رفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه المشغوفين بحبه، والمفعمين بولائه، والمميتين في إطاعته واتباعه، والراهنين كل ثمين ونفيس في سبيله، والمضحين بأدنى إشاراته الآباء والأولاد والمهج، المقتفين آثاره، المتتبعين خطواته، السالكين منهجه، الغر الميامين رضوان الله عليهم أجمعين.
    فقال قائلهم: إن الناس كلهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أربعة".كتاب (سليم بن قيس العامرى) (ص 92) ط دار الفنون بيروت). (والغريب أن أبناء اليهودية الأثيمة يطيعون مثل هذه الكتب الخبيثة المليئة من العيب والشتم لأهل خير القرون وخير الأمة، ثم يتضوغون عن الكتب التي كتبت رداً عليهم مثل كتاب (الشيعة والسنة) للمؤلف لتبيين مذهبهم، وإظهار ما يكنونه في صدورهم تجاه الأمة المرحومة ومحسنيها، ويقولون: إنه لا ينبغي كتابة مثل هذه الكتب وطبعها ونشرها في زمان، المسلمون أحوج ما يكون إلى الاتحاد والاتفاق، ونحن لا ندري أي اتحاد ووفاق يريدون؟ نحن لا نسب القوم ولا نشتم قادتهم، بل كل ما نعمل نبدي للرأي العام ما عمله القوم الأمس وما يعملونه اليوم. فمن أي شيء يخافون؟
    ثم ولم نفهم من بعض من يسمي نفسه متنوراً، واسع الأفق، فسيح القلب، وسيع الظرف، محباً للتقريب والوفاق من أهل السنة، البلهاء أو المغترين، لا نفهم منهم حينما يعترضون علينا بأننا لم نقم بإحقاق الحق وإبطال الباطل؟ ولم ندافع عن أولئك القوم الذين لو ما كانوا كنا عباد البقر أو النجوم أو اللات والمناة والعزى والثالث، أو الحجر والشجر، ولو ما رفعوا راية الإسلام، وحملوا لواء التوحيد ما عرفنا ربنا عز وجل ونبينا وقائدنا محمداً صلوات الله وسلامه عليه، وما علمنا ماذا أنزله الرحمن على عبده وحبيبه، وما تركه المصطفى من سنته وحكمته، وما عرفنا القرآن الذي أنزله نوراً وهدى ورحمة للعالمين.
    نعم: يقلق مضاجع هؤلاء المتنورين هذا، ولا يفجعون عن كتاب (سليم بن قيس العامري) الذي قال فيه جعفرهم – نعم جعفرهم، لا الجعفر الصادق الذي نعرفه ونعلمه – قال: من لم يكن عنده من شيعتنا ومحبينا كتاب (سليم بن قيس العامري) فليس عنده من أمرنا شيء, وهو سر من أسرار محمد صلى الله عليه وسلم،- الكتاب الذي لم نجد صفحة من صفحاته، ولا ورقة من أوراقه إلا وهي مليئة بأقذر الشتائم وأخبث السباب، وكتاب سليم ومثله كتب للقوم لا تعد ولا تحصى، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فنقول لهؤلاء القوم عديمي الغيرة، وفاقدي الحمية: فليهنأ لكم التنور، وليهنأ لكم التوسع، فأما نحن فلن ولن نتحمل هذا، ولن ولن نسكت عن ذلك إن شاء الله ما دامت العروق يجري فيها الدم، وما دام الروح في الجسد واللسان يتكلم). هذا ومثل هذا كثير.

    ردحذف
  6. إن أطماع اليهود في البيئة التي حملت لواء الإسلام والقيام بالدعوة إليه قديمة جداً، فبعد أن نزح اليهود إلى الجزيرة العربية نقلوا معهم من الأساطير التي شاعت بينهم إبان الأسر البابلي العقائد الكثيرة والأطماع العديدة، وكان من بين هذه الأساطير اليهودية عقيدة التناسخ التي أصبحت مصدراً رئيسياً عند الإمامية عندما قالوا بعقيدة "الرجعة" التي اعتنقوها كتعبير عن مشاعر الانتقام والحقد الذي انطوت عليه نفوس بعض الذين زعموا ظلم آل البيت من أعدائهم، وقد ساعد العمل السري والتحريف العقائدي الذي دعا إليه عبد الله بن سبأ في إشاعة جو من الاضطراب السياسي والعقدي في الأمصار الإسلامية كنوع من الحرب النفسية وتعميق مشاعر الإحباط والهزيمة في كيان الأمة الإسلامية.
    والجدير ذكره أن اليهود وجدوا منذ عصر الفتنة التي أعقبت مقتل عثمان مسرحاً لنقل الفكر الباطني إلى الساحة الإسلامية، وكان ذلك بسبب سماحة الفكر الإسلامي الذي تقبل كل العناصر التي تظاهرت بالإسلام، حتى شاعت في وقت مبكر الأفكار اليهودية التي تدور حول جملة من العقائد تناقض عقيدة الإسلام والتي كان من أهمها عقائد: "الإمامة" و"الوصية" و"الرجعة" و"الغيبة" و"العصمة"، إلى غير ذلك من العقائد الوضعية، والقول بالظاهر والباطن في تناول النصوص.
    وقد أوضح الشهرستاني هذه العلاقة وذكر أن الإمامية عرفوا التناسخ والرجعة عند اليهود، وقد بنيت فكرة تأليه الأئمة في القول بالعصمة على المعتقد الذي استهدف تقديس علي رضي الله عنه بتأثير من عقيدتي الرجعة والغيبة التي تصورهما أسطورة القول بالتناسخ اليهودية والتي تفرعت في اتجاهات ثلاثة: الأول: القول بالإمام المعصوم.
    والثاني: القول بعقيدة خاتم الأوصياء.
    والثالث: القول بعقيدة القداسة الإلهية لعلي رضي الله عنه.
    وهذه العقائد الثلاث اعتبرت علماً خاصاً يطلق عليه "العلم السري" الذي يعبر عن عقيدة الرجعة عند الإمامية، كنوع من الاعتقاد الخاص الذي لم يشرعه الإسلام، ولم يقل به أحد من المسلمين حتى من تفلسف منهم وتأثرت مقالاته بالأفكار والمبادئ ذات النزعة التجسيمية أو التعطيلية.
    ولما كان التراث الفارسي في مجال العقيدة الدينية القديمة قبل ظهور الإسلام يقوم هو الآخر على فكر التناسخ، فإن العمل الباطني وجد المجال مهيئاً أمام العناصر التي اندست في المحيط الإسلامي، وكان أن تشكلت مقومات المذهب الإمامي بحيث يبدأ التناقض مع الإسلام بصدام يعتمد على المقولات العقدية ضد الخطاب العربي عند الأمة العربية باعتبارها منذ ظهور الإسلام العقل الصحيح والترجمان الصريح والأداة الراشدة للتعبير عن دين الإسلام؛ فمثلاً في ظل عقيدة الرجعة تعتقد الإمامية: أن أول عمل للغائب أن يبدأ بقتل العرب. فقد جاء في كتاب (الإرشاد) للشيخ المفيد (1)، و (أعلام الورى) للطبرسي (2)، وكتاب (الغيبة) للنعماني (3) فيما نسبت وادعت روايات الإمامية إلى أبي جعفر أنه قال: (لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم ألا يروه مما يقتل من الناس، أما أنه لا يبدأ إلا بقريش فلا يبدؤها إلا بالسيف ولا يعطيها إلا السيف حتى يقول كثير من الناس: هذا ليس من آل محمد، لو كان من آل محمد لرحم).

    ردحذف
  7. المبحث الأول: الشيعة وإهانتهم أهل البيت:
    إن الشيعة لم يكونوا يوماً من الأيام محبين لأهل البيت ومطيعين لهم، بل ثبت ذلك بنصوص الكتب الشيعية أنهم لم ينشئوا ولم يوجدوا من أول يوم إلا لإفساد العقائد الإسلامية الصحيحة ومخالفتها، ولإضرار المسلمين وسبهم وشتمهم،وإهانة أعيانهم وأسلافهم، وعلى رأسهم حامل الشريعة الحنيفية البيضاء، إمام هذه الأمة المجيدة، وأصحابه، وتلامذته، ونوابه الراشدين، وأهل بيته الطيبين.
    وإننا لما خصصنا هذا الكتاب لذكر الشيعة وعلاقتهم مع أهل البيت بسبب تقولهم أنهم غريسة أولئك الناس وشجرتهم، وهم - أي أهل البيت - أسسوا قواعد مذهبهم، وأرسخوا أصول معتقداتهم، وأكثر من ذلك هم الذين كونوهم وأنشؤوهم وربوهم، ولهم بهم علاقة ليس لأحد غيرهم مثلها.
    فصلنا القول في مزاعمهم وادعاءاتهم، وعرّفنا مدى صلتهم بهم في الأبواب السابقة، وإطاعتهم ومتابعتهم إياهم، وحبهم لهم.
    وأما في هذا الباب والأخير من كتابنا نريد أن نتقدم بالقارئ والباحث إلى الأمام بخطوة أخرى، ونبين أن القوم لم يكتفوا بمخالفة أهل البيت وعصيانهم وبالكذب والافتراء عليهم، بل ازدادوا، وبلغوا إلى حد الإساءة والإهانة، الإساءة العلنية، والإهانة الصريحة الجلية، لا الخفية الغير الظاهرة مثلما عاملوا الآخرين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم طبقاً بطبق وحذوا بحذو بدون فرق وتمييز، لأنهم لم يتقنعوا بقناع حب آل البيت إلا للسب والشتم في خلفاء رسول الله ورفاقه، ولما فرغوا منهم أكبوا ما في جعبتهم على من تقنعوا بقناع حبهم واسمهم لأن الغرض ليس بغض أولئك وحب هؤلاء، وبناء هذا وهدم ذاك، بل الهدف الوحيد التشويه والتشكيك على المسلمين، وإثارة البغضاء والأحقاد فيما بينهم، وهدم الكيان الإسلامي والأمة الإسلامية، وإلا فهل من الممكن أن يهان أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيت علي رضي الله عنه؟ بل ونبي الله نفسه صلوات الله وسلامه عليه وعلي رضي الله عنه؟.

    ردحذف
  8. كان موقف أعلام الاثني عشرية وأقطابها قديماً وحديثاً من أئمة المذاهب السنية الأربعة وأتباعهم موقف عداءٍ.
    ولا ينبغي أن يُستغرب هذا منهم بحال؛ فقد نصبوا العداء لمن هم أفضل من هؤلاء وأكمل؛ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه رضي الله عنهم.
    ومما سوّد به الاثنا عشرية كتبهم من مواقف عدائية تجاه أئمة السنة الأربعة وغيرهم: ما أخرجه الكليني بسنده إلى أبي جعفر الباقر أنه قال -وهو مستقبل الكعبة-: (إنما أُمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا، وهو قول الله: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82]- ثم أومأ بيده إلى صدره- إلى ولايتنا. ثم قال: يا سدير (1)! فأُريك الصّادين عن دين الله؟ ثمّ نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوريّ في ذلك الزمان وهم حِلَقٌ في المسجد، فقال: هؤلاء الصادّون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتابٍ مبين. إن هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم فجاء الناس فلم يجدوا أحداً يُخْبِرُهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم حتّى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم) (2).ويقول شيخهم الأوالي (3): (ذكر نبذة من أحوال أئمتهم الأربعة وسائر علمائهم المبتدعة، وما أحدثوه في الدّين من البدع الفظيعة، لا سيما من بينهم أبو حنيفة صاحب البدع الكسيفة، ومَن ليس له من الله خيفة)! (4).وذكر القاضي عياض في الترتيب أن رجلاً من الإمامية سأل مالكاً رحمه الله: (من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) فقال مالك: أبو بكر. قال: ثم من؟ قال: عمر. قال: ثم من؟ قال: الخليفة المقتول ظلماً عثمان. فكان جواب هذا السائل الرافضي أن قال للإمام: "والله لا أجالسك أبداً" (5). كان موقف أعلام الاثني عشرية وأقطابها قديماً وحديثاً من أئمة المذاهب السنية الأربعة وأتباعهم موقف عداءٍ.
    ولا ينبغي أن يُستغرب هذا منهم بحال؛ فقد نصبوا العداء لمن هم أفضل من هؤلاء وأكمل؛ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه رضي الله عنهم.
    ومما سوّد به الاثنا عشرية كتبهم من مواقف عدائية تجاه أئمة السنة الأربعة وغيرهم: ما أخرجه الكليني بسنده إلى أبي جعفر الباقر أنه قال -وهو مستقبل الكعبة-: (إنما أُمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا، وهو قول الله: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82]- ثم أومأ بيده إلى صدره- إلى ولايتنا. ثم قال: يا سدير (1)! فأُريك الصّادين عن دين الله؟ ثمّ نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوريّ في ذلك الزمان وهم حِلَقٌ في المسجد، فقال: هؤلاء الصادّون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتابٍ مبين. إن هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم فجاء الناس فلم يجدوا أحداً يُخْبِرُهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم حتّى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم) (2).ويقول شيخهم الأوالي (3): (ذكر نبذة من أحوال أئمتهم الأربعة وسائر علمائهم المبتدعة، وما أحدثوه في الدّين من البدع الفظيعة، لا سيما من بينهم أبو حنيفة صاحب البدع الكسيفة، ومَن ليس له من الله خيفة)! (4).وذكر القاضي عياض في الترتيب أن رجلاً من الإمامية سأل مالكاً رحمه الله: (من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) فقال مالك: أبو بكر. قال: ثم من؟ قال: عمر. قال: ثم من؟ قال: الخليفة المقتول ظلماً عثمان. فكان جواب هذا السائل الرافضي أن قال للإمام: "والله لا أجالسك أبداً" (5).كان موقف أعلام الاثني عشرية وأقطابها قديماً وحديثاً من أئمة المذاهب السنية الأربعة وأتباعهم موقف عداءٍ.

    ردحذف
  9. ولا ينبغي أن يُستغرب هذا منهم بحال؛ فقد نصبوا العداء لمن هم أفضل من هؤلاء وأكمل؛ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه رضي الله عنهم.
    ومما سوّد به الاثنا عشرية كتبهم من مواقف عدائية تجاه أئمة السنة الأربعة وغيرهم: ما أخرجه الكليني بسنده إلى أبي جعفر الباقر أنه قال -وهو مستقبل الكعبة-: (إنما أُمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا، وهو قول الله: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82]- ثم أومأ بيده إلى صدره- إلى ولايتنا. ثم قال: يا سدير (1)! فأُريك الصّادين عن دين الله؟ ثمّ نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوريّ في ذلك الزمان وهم حِلَقٌ في المسجد، فقال: هؤلاء الصادّون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتابٍ مبين. إن هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم فجاء الناس فلم يجدوا أحداً يُخْبِرُهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم حتّى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم) (2).ويقول شيخهم الأوالي (3): (ذكر نبذة من أحوال أئمتهم الأربعة وسائر علمائهم المبتدعة، وما أحدثوه في الدّين من البدع الفظيعة، لا سيما من بينهم أبو حنيفة صاحب البدع الكسيفة، ومَن ليس له من الله خيفة)! (4).وذكر القاضي عياض في الترتيب أن رجلاً من الإمامية سأل مالكاً رحمه الله: (من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) فقال مالك: أبو بكر. قال: ثم من؟ قال: عمر. قال: ثم من؟ قال: الخليفة المقتول ظلماً عثمان. فكان جواب هذا السائل الرافضي أن قال للإمام: "والله لا أجالسك أبداً" (5).المصدر: موقف الشيعة الاثني عشرية من الأئمة الأربعة لخالد بن أحمد الزهراني
    ومن صور عدائهم للأئمة الأربعة أيضاً ما جاء على لسان بعض شعرائهم:
    إذا شئت أن ترضى لنفسك مذهباً ... ينجيك يوم البعث من ألم النار
    فدع عنك قول الشافعي ومالكٍ ... وأحمد والنعمان أو كعب أحبار (6)
    ووال أناساً قَولُهُم وحَدِيثُهُم ... روى جَدُّنا عن جبرائيل عن الباري (7) ... ... ...
    وجاء في مقدمة كتاب (مختلف الشيعة) للحلي ما يبين نظرتهم التهكمية للأئمة الأربعة:
    قالوا: لأي شيء أخذت نعلك معك وهذا مما لا يليق بعاقل بل إنسان؟ قال: خفتُ أن يسرقه الحنفية كما سرق أبو حنيفة نعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. رأينا من قبل الجرح والتعديل عن الجمهور، والموقف من الرواية عن أهل البدع، وما يتصل بالعدالة والضبط.
    والصحابة الكرام، خير أمة أخرجت للناس، شهد لهم ربهم عز وجل وكفى بالله شهيدا، وشهد لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم، وما أعظمها من شهادة! ولذلك فهم ليسوا في حاجة إلى شهادة بعد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعدالتهم أمر معلوم مسلم به عند جمهور المسلمين. ومن طعن فيهم ممن ينتسب إلى الإسلام كاد أن يخرج عن الملة إن لم يكن قد خرج بالفعل. وتبعاً للجرح والتعديل عند الفرق يحكم على الأحاديث، وتؤلف الكتب.

    ردحذف
  10. وقبل أن أبين الجرح والتعديل عند سلف عبدالحسين، وأثر هذا في كتبهم التي قال إنها مقدسة، وصحاح متواترة، أردت أن أوضح موقف " الحاكم " كما جاء في كتابه (معرفة علوم الحديث) وهو شيعي لكنه غير رافضى، حتى لا نخلط بين موقف الشيعة وموقف الرافضة. إن أصح أسانيد أهل البيت: جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي إذا كان الراوي عن جعفر ثقة.
    وأصح أسانيد الصديق: إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر.
    وأصح أسانيد عمر: الزهري عن سالم عن أبيه عن جده.
    وأصح أسانيد المكثرين من الصحابة لأبي هريرة: الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، ولعبدالله بن عمر مالك عن نافع عن ابن عمر، ولعائشة عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن القاسم بن محمد ابن أبي بكر، عن عائشة.
    سمعت أبا بكر أحمد بن سلمان الفقية يقول: سمعت جعفر بن أبي عثمان الطيالسى يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة ترجمة مشبكة بالذهب.
    ومن أصح الأسانيد أيضاً محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب بن زهرة القرشي عن عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشي عن عائشة.
    وأصح أسانيد عبدالله بن مسعود: سفيان بن سعيد الثوري عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم بن يزيد النخعي عن علقمة بن قيس النخعي عن عبدالله بن مسعود.
    وأصح أسانيد أنس: مالك بن أنس عن الزهري عن أنس.
    وأصح أسانيد المكيين: سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر.
    وأصح أسانيد اليمانيين: معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة. ومما ذكره الحاكم نرى أنه لا يختلف عن جمهور المسلمين في نظرته للصحابة الكرام، وفي التوثيق بصفة عامة على خلاف ما نراه عند الرافضة.
    وفي ص 56 يقول: إن أوهى أسانيد أهل البيت: عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن الحارث الأعور، عن علي.
    وفي ص 63 تحدث عن معرفة فقه الحديث فقال: " فأما فقهاء الإسلام، أصحاب القياس والرأي والاستنباط والجدل والنظر، فمعروفون في كل عصر وأهل كل بلد. ونحن ذاكرون بمشيئة الله في هذا الموضع فقه الحديث عن أهله ليستدل بذلك على أن أهل هذه الصنعة من تبحر فيها لا يجهل فقه الحديث، إذ هو نوع من أنواع هذا العلم.
    فمن أشرنا إليه من أهل الحديث محمد بن مسلم الزهري " وذكر الحاكم بإسناده بعد هذا عن مكحول قال: " ما رأيت أحداً أعلم بسنة ماضية من الزهري ".
    وفي ص 240 بدأ الحديث عن النوع التاسع والأربعين فقال: " هذا النوع من هذه العلوم معرفة الأئمة الثقات المشهورين من التابعين وأتباعهم ممن يجمع حديثهم للحفظ والمذاكرة، والتبرك بهم وبذكرهم من الشرق إلى الغرب ".
    وأول من ذكرهم من هؤلاء الأئمة الإمام الزهري. وفي عصرنا وجدنا الرافضة والمستشرقين – لهدف واحد خبيث – يطعنان في هذا الإمام الجليل. ومن الأئمة الأعلام الذين ذكرهم: الإمام سفيان الثوري (ص 245)، وسيأتي في نماذج من الجرح والتعديل ما قاله الرافضة في هذا الإمام.

    ردحذف
  11. ونبدأ باليهود فإن كتاب اليهود المقدس يتكون من تسعة وثلاثين سفراً الخمسة الأولى منها ينسبونها إلى موسى عليه السلام ويدعون أنها هي التوراة المنزلة على موسى عليه السلام وأنه كتبها بيده وباقي أسفار العهد القديم يزعمون أنها كتبت على يدي أنبياء بني إسرائيل من بعد موسى عليه السلام , ولكن الحق والصواب أن الله سبحانه وتعالى أعطى التوراة لموسى مكتوبةً في الألواح , وأن فيها موعظة لبني إسرائيل وتفصيلاً لكل شيء وأن الله تعالى أمر نبيه موسى أن يأخذ بما فيها من الأحكام ويلتزم بها وأن يأمر قومه أن يأخذوا بأحسنها وقد أخبر الله أيضاً في آيةٍ أخرى أن اليهود أنفسهم كتبوا التوراة ولكنهم أخفوا كثيراً منها قال تعالى: قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [الأنعام:91] بل إن اليهود قد نقضوا الميثاق الذي أخذه الله عليهم بحفظها ونسوا شيئاً منها وهذا إهمال منهم للكتاب الذي استأمنهم الله عليه قال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة:13].
    وبهذا إخواني في الله يتضح من خلال هذه الآية أن التوراة الصحيحة التي أنزلها الله على موسى عليه السلام فُقدت بسبب تحريفهم لجزء منها ونسيانهم جزءً آخر, ولذا فقد طلب الله عز وجل في القرآن الكريم من الذين زعموا صحة التوراة كاملة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتوا بها كاملة ولكنهم لم يأتوا بها لأن التوراة التي بأيديهم غير تلك التي نزل بها الوحي قال الله تعالى قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [آل عمران:93] فهذه الآية الكريمة قطعت بعدم صحة التوراة كاملة ولو كانت توجد عند اليهود ولو نسخةً واحدة لأتوا بها ولكن الله علم أنه لا توجد عندهم نسخة للتوراة صحيحة وإلا لما تحداهم بذلك.
    ولقد ذمهم الله سبحانه وتعالى - أي ذم اليهود - على تضييعهم للتوراة, وشبههم بالحمير لاتفاق الحمير واليهود في حمل الكتب وعدم الاستفادة منها قال تعالى مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [الجمعة:5] وأما المدقق في نصوص التوراة يعلم علم اليقين أن كاتبها غير موسى عليه السلام وإن من يستعرض الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم وهي الأسفار التي ينسبونها إلى موسى عليه السلام ويزعمون أن موسى عليه السلام كتبها بيده يعلم علماً لا يشوبه أدنى شك أن هذه الأسفار ليست من كتابة موسى عليه السلام ولا يمكن أن يكون قد كتبها بيده , بل الذي تدل عليه النصوص أن هذه الأسفار قد كُتبت بعد عصر موسى عليه السلام بفترة ليست قصيرة , وقد ذكر المحققون قديماً وحديثاً أمثلةً كثيرة تؤكد من خلالها استحالة نسبة هذه الأسفار كاملة إلى موسى عليه السلام.

    ردحذف
  12. SIIDreda REDASID‏
    15‏/9‏/2014
    رد
    info
    المطلب الثامن: تشابه الشيعة واليهود في قدحهم في الأنبياء والصحابة:
    ونبدأ باليهود , أسياد الشيعة , حيث إن الطعن على أنبياء الله وانتقاصهم سمة بارزة من سمات اليهود , ومن قرأ كتب اليهود وجدها تعج بكثير من المطاعن على أنبياء الله , والقدح فيهم ورميهم بأبشع الجرائم مما هم منه براء.
    ومن التهم الباطلة التي يلصقها اليهود بنبي الله لوط عليه السلام تلك التهمة الجائرة التي زعموا فيها أن لوطاً عليه السلام زنى بابنتيه - عياذاً بالله تعالى- كما جاء ذلك مفصلاً في الإصحاح التاسع عشر من سفر التكوين عندهم , أما رسول الله هارون عليه السلام فقد افتروا عليه أعظم فرية حيث زعموا أنه صنع لبني إسرائيل عجل من الذهب ليعبدوه عندما تأخر عليهم موسى عليه السلام في الجبل , وأما داوود عليه السلام فيرمونه بالزنا بامرأة أحد ضباط جيشه ثم تدبيره بعد ذلك مقتل زوج هذه المرأة بعد علمه أن هذه المرأة قد حملت منه -عياذاً بالله تعالى-.
    وأما عيسى وأمه عليهما السلام فلم يترك اليهود جريمة إلا ألصقوها بهما, ومن هذه الجرائم والافتراءات رمي اليهود لمريم بالزنا حيث أنهم يعتقدون أنه قد جاءت به عن طريق الخطيئة أي الزنا -عياذاً بالله تعالى- , بل قد تجرأ اليهود على جميع الأنبياء فرموهم بالنجاسة كما جاء في سفر أرميا الإصحاح الثالث والعشرين ما نصه: " لأن الأنبياء والكهنة تنجسوا جميعاً بل في بيتي وجدت شرهم يقول الرب ".
    أما قدح الشيعة في الصحابة رضوان الله عليهم , فإن الشيعة يعادون ويبغضون الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم أشد البغض , ويعتقدون أنهم كفار مرتدون, بل يتقربون إلى الله بسبهم ولعنهم ويعدون ذلك من أعظم القربات, ويوضح هذا المعتقد شيخهم ومحدثهم محمد باقر المجلسي الذي يقول في كتاب (حق اليقين) صفحة (519) ما نصه: " وعقيدتنا في التبرء أننا نتبرأ من الأصنام الأربعة: أبي بكر, وعمر, وعثمان, ومعاوية, والنساء الأربع: عائشة, وحفصة, وهند, وأم الحكم, ومن جميع أشياعهم وأتباعهم, وأنهم شر خلق الله على وجه الأرض, وأنه لا يتم الإيمان بالله ورسوله والأئمة إلا بعد التبرء من أعدائهم ". كما أن شيخهم القمي روى في تفسيره عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " ما بعث الله نبياً إلا وفي أمته شيطانان يؤذيانه ويضلان الناس بعده, فأما صاحبا نوح: فخنطيفوس وخَرام, وأما صاحبا إبراهيم: فمكفل ورزام, وأما صاحبا موسى: فالسامري ومرعقيبا, وأما صاحبا عيسى: فبولس وموريتون, وأما صاحبا محمد: فحبتر وزريق " , ويعنون بحبتر: عمر رضي الله عنه , وزريق: أبا بكر الصديق رضي الله عنه , وهذه من الرموز التي يستعملونها في كتبهم للطعن في الشيخين.
    أما إمامهم العياشي فيعبر عن حقده الأسود الدفين على هؤلاء الخلفاء برواية أخرى مصطنعة يرويها عن جعفر بن محمد أنه قال: " يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب, بابها الأول للظالم, وهو زريق - يعني أبا بكر - وبابها الثاني لحبتر - يعني عمر -, والباب الثالث للثالث -يعني عثمان-, والرابع لمعاوية, والخامس لعبدالملك, والباب السادس لعسكر بن هوسر, والباب السابع لأبي سلامة, فهم أبواب لمن تبعهم " انتهى من تفسير العياشي المجلد الثاني صفحة (432).
    ويروي الصدوق " عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام أخبرني بأول من يدخل النار, قال: إبليس ورجل عن يمينه ورجل عن يساره " انتهى من كتاب (ثواب الأعمال) صفحة (255).

    ردحذف