الأربعاء، 4 يونيو 2014

تغريدات في اضطراب النقاش في الموروث السياسي الإسلامي

بضعة تغريدات عن سبب اضطراب النقاش وفوضى الجدل في التعامل مع الموروث السياسي الإسلامي بين المدارس المختلفة 

الإنتاج الفكري في علم السياسة في الغرب وغيرها من العلوم جهد هائل والتجربة الأوربية فائقة الثراء سواء في المبادئ أو في الآليات 

هذه التجربة الثرية لم تنتج كومة من الأفكار المبعثرة، بل أنتجت تشكيلة ذهنية كاملة وقالبا يناسب المحتوى الفكري والعملي الذي أنتجته ذات التجربة

ولأن الغرب مهيمن فكريا وإعلاميا وسياسيا فليس غريبا أن تكون هذه التشكيلة وذلك القالب هو الأساس للعالم كله في تصور وفهم علم  السياسة 

انسجام هذا القالب مع محتواه وتطبيقه بثقة وواقعية، صنع تحديا أربك الكثير من المفكرين والعلماء المسلمين فأنتج مدرستين في التعامل معه

المدرسة الأولى لم تفطن للعلاقة بين القالب والمحتوى وتعاملوا مع علم السياسة وهم في غفلة جماعية وتصور منطلق من نفس التشكيلة والقالب الغربي 

وغالب جهد مفكري هذه المدرسة أن يملؤا هذا القالب بما لديهم من محتوى بطريقة معتسفة تحشر فيها استنتاجات التراث الإسلامي حشرا بين جدران القالب 

هذه المنهجية في تناول الموروث السياسي الإسلامي لا يمكن أن تنتج صورة متماسكة فضلا عن أن تثبت تفوقه على النموذج الغربي الذي استعار منه القالب

المدرسة الثانية هربت من التحدي بالكامل واختزلت كل منظومة التراث السياسي الإسلامي في الخنوع للحاكم وتفويضه شؤون السياسة وتحريم التدخل فيها

هذه المدرسة لا تستطيع أن تنكر ضخامة الموروث السياسي الإسلامي لكنها ماهرة في التلاعب بالمعاني حتى ينتهي كل شيء باستنتاج واحد هو الخنوع للحاكم

يمثل المدرسة الأولى كل من يضع لحما وشحما إسلاميا على هياكل الديموقراطية في دولة وطنية ويمثل الثانية كل من يدعو لسلطة مطلقة لأي متغلب

المحسوبون على المدرستين لا يدركون موقعهم ويناقش أحدهما الآخر بطريقة مرتبطة بمنهجيته فقط فيبدو للمدرسة الأخرى وكأنه يتحدث بلغة أجنبية

وفي نظري لا يمكن الفوز في هذا التحدي إلا بالخروج من التشكيلة الذهنية والقالب الفكري الغربي والعودة لتشكيلة منطلقة من ذات الموروث الإسلامي 

لتقريب الفكرة يتناقش الكثير حول تفاصيل السياسة على أساس أن المقصود بمصطلحات الدولة والسلطة والشرعية محسوم والخلاف يدور حول تفاصيل داخلها

الموروث السياسي الإسلامي لا يعترف بالمعنى الغربي لهذه المصطلحات بل يذهب أبعد من ذلك إلى مدخل مختلف تماما للقضايا المرتبطة بالسياسة


هذه إشارات فقط لبيان سبب اضطراب النقاش وفوضى الجدل في التعامل مع الموروث السياسي الإسلامي وربما تحين الفرصة لطرح موسع في تفصيل هذه الفكرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق