الأربعاء، 31 يوليو 2013

العلاقة بين جماعة الإخوان والمملكة العربية السعودية


يذكر عن الإمام حسن البنا رحمه الله ، أنه كان يفاضل بين السعودية واليمن في إنشاء الجماعة ، و يذكر في مذكرات الدعوة والداعية ، أنه اتصل بحافظ وهبة مستشار الملك عبدالعزيز آنذاك ، والذي تدخل بدوره لنقل البنا للتدريس في الحجاز وذلك عام ١٩٢٨م ، وهو العام الذي أسس فيه البنا الجماعة في الإسماعيلية .
كما فشلت محاولات مماثلة في توقيت مقارب ، مع أمير الديوان الملكي في اليمن السيد محمد زبارة الحسن ، لاستقدام البنا للعمل في اليمن ، كما ذكره محمود عبدالحليم في كتاب الإخوان المسلمون .
إلا أن النجاح الذي حققه البنا في نقل الجماعة إلى القاهرة أغراه بالتراجع عن هذه الفكرة ، خصوصاً بعد انغماسه في العمل الدعوي والسياسي في تلك الفترة ، إلا أنه لم يترك موسم الحج للتعارف وتلاقح الأفكار والدعوة لمشروعه ، وهو ما وافق هوى في نفس الملك عبدالعزيز لتأكيد قيام هذه الدولة على الإسلام ، ورعايتها لشؤون المسلمين والجماعات الإسلامية عموماً ، والعلاقة والتعاطف الكبير الذي كان يتمتع بها البنا من قبل الملك عبدالعزيز والتي تجلت بعد قلاقل عام ١٩٤٨م بدعوته للعيش في السعودية ، لم يرقى إلى أبعد من ذلك ، ويقال أن الملك عبدالعزيز رد عليه حين عرض على الملك فكرة قيام الجماعة في المملكة بأننا كلنا إخوان مسلمون .
وهو موقف مفهوم من دولة قامت على تفاهم مع حركة دينية غير منظمة ، ومن الخطأ بمكان السماح لجماعة مثل الإخوان تمتلك مشروعاً متكاملاً بأن تعمل في هكذا بلد ، إلا أن الجماعة ظلت وفيةً للمملكة ، ويتجلى ذلك من مشاركتها في استقبال الملك عبدالعزيز حين زيارته لمصر وتوديعه ، وهو مالم يحصل عليه أي رئيس دولة في تاريخ الجماعة .
سمح للجماعة بعد مقتل البنا رحمه الله بالتواجد في مواسم الحج فترة إرشاد الهضيبي ، وتم التلاقي مع الكثير من العلماء مثل الندوي الذي عرضت عليه الجماعة تولي إرشادها ولكنه رفض .
بعد تولي عبدالناصر للحكم ، وأحداث عام ١٩٥٤م أصبحت المملكة ملاذاً للهاربين من قيادات الجماعة ، وممن وفد منهم الشيخ مناع القطان رحمه الله الذي أصبح الأب الروحي للجماعة في السعودية وغيره من القيادات ، إلا أن العلاقة في تلك السنوات لا يمكن أن تغفل عن طبيعة العلاقة بين السعودية وعبدالناصر والحالة المتشنجة بينهما ، والجماعة بدورها لم تكن أكثر من ورقة سياسية أو وسيلة ضغط بين الأطراف ، وبعد أحداث عام ١٩٦٦م وإعدام سيد قطب ، زادت حدة التشنج والتوتر بين البلدين ، واستقطب الإخوان للعمل والهجرة ، ومنح منهم الكثير الجنسية السعودية ، وسمح لهم بالعمل والنشاط الدعوي والنشر في السعودية .
بل وصل الأمر إلى تغلغل الجماعة في مفاصل التعليم الجامعي ، الذي تأسس أكثره في تلك الفترة ، وحفظت الجماعة الود للبلد المضيف إذ تحاشت نقاش مبدأ البيعة في تلك الفترة .
حدث أول شرخ حقيقي في العلاقة بين الجماعة والسعودية ، بعد تسرع الجماعة بالاتصال بنظام الثورة الإيرانية ، وهو العدو الأول كمذهب للفكرة الوهابية التي تقوم عليها السعودية ، إلا أن الحرب الإيرانية العراقية أعادت الجماعة للخط والمسار المرتضى من قبل الحكومة السعودية ولو لحظياً .
بعد الغزو العراقي ، تعثرت العلاقة مرة أخرى نتيجة رفض الجماعة للتدخل الأمريكي في الحرب وتحرير الكويت وهو ما قطع العلاقة للأبد حيث لا رجعة ، فخرجت الكثير من المنابر الإعلامية في تلك الفترة تسب الجماعة ليل نهار ، وأصبحنا نسمع شتم سيد قطب علناً ، وهو ما يستحيل أن يحدث بدون موافقة من الحكومة أو أطرافٍ منها .
أحداث ١١سبتمبر غيرت موازين المعادلة ، فخرج التصريح الشهير للأمير نايف وزير الداخلية آنذاك بالهجوم على الجماعة علناً .
الربيع العربي لم يغير من نظرة الحكومة للجماعة ، خصوصاً المصرية منها وهو ما يلمس في الأحداث الأخيرة ، موقف الجماعة سياسياً في تعاملها مع السعودية ، يعتريه الكثير من التسرع وعدم الخبرة ، وهو ما جعلها تفقد حليفاً استراتيجياً من عدة نواحي ، لعل أهمها الناحية الاقتصادية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق