الأربعاء، 17 يوليو 2013

اليمين واليسار غير صالحين في الثقافة


اليمين واليسار غير صالحين في الثقافة :



المتابع للمشهد الثقافي والفكري عموماً ، يلمس فريقين متواجدين بصخب وقوة حضور ، الأول المحافظين أو اليمين إن جازت التسمية مجازاً ، والثاني المنفتحين أو اليسار إن جازت التسمية أيضاً .

ما يدعو له اليمين مخالف حد التناقض لما يدعو له اليسار ، من حيث المبدأ والتطبيق ، فهم يدعون - أي اليمين - لاستلهام التجربة الحضارية الإسلامية ، واستجلابها بالكامل كما هي ، بلا قوالب أو تعديلات ، و أما اليسار فيدعو إلى نبذ التجربة الحضارية الإسلامية بالكامل ، وإستجلاب الحضارة من الخارج بقوالبها كما هي ، وبين الفريقين وقوة الصخب والإستقطاب الرهيب ، ضاعت أصوات وسطية معتدلة مزجت التيارين في تيار واحد .

والأدهي والأمرّ هو ضياع المتابعين لكلا الفريقين ، فمن تارك  لمظاهر التقدم الحقوقي ، بحجة عدم الحاجة لها والإكتفاء بما عندنا حتى الوسائل ، وإعطاءها حكم الغايات جملةً وتفصيلاً ، والحكم على جميع مظاهر المدنية الغربية بالتجريم في المتابعة ، ومن متعلقٍ بها لا يرى غيرها حتى في العلوم القديمة التي تميز بها العرب والمسلمون قديماً ، تجده يعرف ما قاله فولتير وديدو وباسكال وهو لم يقرأ المقدمة يوماً ما ، فما بالك بغيرها من الكتب المتعمقة والمتخصصة .

نحتاج من المثقفين أو المفكرين أو الدعاة التناغم الحضاري والربط بين القديم والحديث ، وعدم إعطاء الوسائل حكم الغايات ، بل عزلها تماماً ، كما نحتاج من نفس المثقفين والمفكرين والدعاة أيضاً ، التعمق بالموروث الثقافي والحضاري لأمتنا ، وعدم ترك ذلك الموروث بحجج واهية متداعية في أحيانٍ كثيرة .

النقاشات البيزنطية في هوية الدولة ونظام الحكم والعلاقة بين الحاكم والمحكوم ، ليس بذات أهمية إن اتفقت الوسائل الموصلة لمعرفة الشكل والهوية والنظام ، ما يهمنا هو مكان يرتاح فيه الناس ، ويعيشون حياتهم بسلام ، لا نحتاج أبداً لمصطلحات معينة قد لا تعني الكثير إن لم تطبق حقيقةً .

نحتاج لتبسيط الخطاب المعرفي والحقوقي للناس ، المتمازج والمتناغم مع الإرث التاريخي للأمة ،  والمستفيد من الحضارة المغايرة ما لا يفقده خصوصيته الدينية واللغوية والجغرافية .

همسة :

قبل القراءة في كتب الآخرين ، اقرأ ما كتب أسلافك ، وقبل نفي ما عند الأخرين ، اذكر حركات التأثر والتأثير التي قام بها أسلافك ، و اعلم أنه ليس كل صاحب منبرٍ خطيب ، وليس كل باكٍ صادق في بكاءه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق