الأحد، 28 يوليو 2013

أزمة الأمة عندما تكون في مثقفيها


تتقبل أي مستوى من الإختلاف فيما يسوغ ، من أي شخص ، إن كان هناك أرضية موحدة تنطلقون منها للتوافق ، وهي ما يسميها الأصوليون تحرير محل النزاع .
وتتقبل شتى الأساليب اللغوية والأدبية في صياغة الأفكار وتركيبها ، فمن معقد في طرحه لفكرته إلى مبسط لها حتى تفهمها العجائز ، ومن مطولٍ ومطنب حد الإفراط ، ومن مختزلٍ وموجز حد التفريط ، ومعتدلٍ صاغ الفكرة في قالبٍ لا يسع غيرها ولا تخرج منه .
وتتقبل وجود فريق تسلقوا سلم الفكر والثقافة وهم ليسوا بأهله ، لأمور لا تعلمها عنهم وإن كنت علمت فيهم خبث السريرة وسوء العمل ، وسلاطة اللسان وقلة الأدب ، وهؤلاء ليسوا من الأمة في شيء ، بل هم عبيد العصا ومع من غلب ، كل يومٍ لهم سيد .
وتتقبل وجود فريق يرفض الثقافة جملةً وتفصيلاً ومعها الفكر ، لإنغلاق عقله عن رؤية مالا يراه مولاه أو شيخه ، فتراه يدندن بكلامٍ لا يفهمه ولا يعيه حق المعرفة ، بل هو أشبه بصوت الجعجعة بلا طحين ، أو هو الطبل ، صوت عظيم وبطن أجوف .
لكن مالا تتقبله أبداً ، أن يخرج من أصحاب العقول المتوافق عليها ، في جانب محبي الفكر وأتباعه ، من الشرعيين والعقليين ، من يقلب لك الموازين لحاجات لا يسعك أن تقول إلا رحمة الله بأمةٍ هذا من مفكريها ومثقفيها .
هل أصاب الأمة ورجالها الجنون والخرف ، أم هو جيلٌ من الشيوخ لم يعد يعرف حال الشباب ورغباته ، مازال منغلقاً بفكرة الستينات والسبعينات وما قبل الربيع العربي ، وثورات إسقاط المستبدين لا أعادهم الله .
من كان يعتقد أن له عصمة بإتباع فهو ساقط عقلاً وشرعاً ، والناس في الإتباع يتقلبون وتتقلب بهم الأهواء فيما يحبون ، فكيف في أساسيات عيشهم الكريم .
تتساقط الأقنعة ، أم تهرم الشيوخ وتظهر أجيالٌ من الشباب تقود الفكر لميناء الرحمة ، بعد أن تخبطت بالسفينة أراء الأولين من اليمين إلى اليسار ، إلى حيث لا وجهه .
الفكر شيخنا الوقور وأستاذنا الفاضل ، مجموعة من العلوم البسيطة في مجملها ، العميقة في مبادئها ، فلا تحسب أنك علمت مالم يعلم سليمان ، وأنك جئت من سبأ بنبأ عظيم .
علم الإجتماع مع التاريخ الإقليمي والأممي ، مع بعض الأصول الشرعية والفقهية والفلسفية ، مع تشبع بالحرية والكرامة قولاً وفعلاً ، تخرج لنا ألف مفكرٍ لا يبيعون الكرامة بثمنٍ بخس .
همسة :
لا يصلح القوم فوضى لا سراة لهم /  ولا سراة إذا جهالهم سادوا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق