الخميس، 18 يوليو 2013

القرآن الكريم الأسلوب والخطاب


القرآن الكريم الأسلوب والخطاب :

يخطىء كثيراً من يضع فهمه للعربية وأساليبها معياراً للقرآن الكريم ، مهما وصل من علم في العربية وبلاغتها وأساليبها المتبعة عند العرب ، فسيظل محصوراً بالقياس على كلام العرب ، وهو ما لا يتناسب مع قوة السليقة والفطرة اللغوية الأصلية .

خاطب القرآن الكريم العرب بلغتهم وبلاغتهم وأساليبهم وطريقتهم في الكلام ، لم يأتِ بشيء لم يألفوه من الأساليب والاستخدامات ، وإلا لفقد الإعجاز المعني في تنزيله بهذه الصورة ، وكون القرآن نزل على ذلك الجيل العربي ، الذي اتفق أهل اللغة والعارفين بها بأنهم الأفصح من بين العرب قاطبةً ، وأن كلامهم حجة على غيرهم ، حتى على مقاييس أهل اللغة أنفسهم ، وقصة الفرزدق مشهورة حين كان ينظم الشعر مخالفاً لما قعده اللغويون .

روي أنه في أحد مجالس خلفاء بني العباس ، تكلم أحد الشعوبيين إن لم تخني الذاكرة ، بأن القرآن يحمل مغالطات ، فقيل له أين ، قال أنه ورد تشبيه رؤوس الشياطين لثمرة الزقوم ، وفي هذا تشبيه بالمجهول وهو متعذر ، فانبرى له أحد العلماء وأظنه الفراء أو غيره ، بأن هذا استخدام لغوي شائع عندهم ، وتجده في قصيدة امرؤ القيس :

أيقتلني والمشرفي مضاجعي /
ومسنونة زرق كأنياب أغوال 



فشبه زج الرمح بناب الغول ، وهي غير معروفة ولم يروها ، ولكن للوصول بالتشبيه أبعد مراحله ، حيث الغول قمة التوهمات المخيفة ، فكذلك القرآن الكريم خاطبهم بما يعرفون من أسلوب وبلاغة ، لم يأتِ بما يخالف استخدامهم حتى يقع الإعجاز .

وهم على بلاغتهم لم يشككوا في بلاغته ، بل شككوا في صدق نسبته إلى الله ، تعالياً وعتواً وكفراً محضاً وهم مستيقنون بذلك ، ولكن هو الإيمان  و الكفر.

على أن ذلك يقودنا مروراً لنقطة أخرى ، وهي أن القرآن لا يستقيم به لسان ، لفرط إعجازه ، و استحالة محاكاته ، فهو ليس بكلام بشر يحاكى ، ولا كلام بشر يجارى ، بلغ التحدي فيه آية .

ذكر ذلك بن خلدون في المقدمة ، وهو مشاهد في مسابقات القرآن ، تجد حفاظ كتاب الله من غير الناطقين باللغة العربية ، يقرأون القرآن بلسان عربيٍ مبين ، ولا يستطيع نطق جملة بالعربية خارج المصحف ، وهو مشاهد ولا يحتاج لزيادة بيان ، فاللغة يدعمها وينميها الكلام المحاكى المجارى كالشعر الفصيح والحكم والأمثال وغيرها من كلام العرب الحجة عند أهل اللغة .

صرخة :

لا تتهم كتاب الله في بلاغة أو خطاب أو أسلوب ، بل اتهم بصيرتك في ضعفها و قلة حيلتها في الارتقاء لهذا المستوى الرباني ، ولا تجعل من القرآن والتهكم عليه شماعة ليطلق عليك أحد ألقاب الثقافة والفكر والتحرر، فهي مجرد أوهام وزور بيّن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق