الاثنين، 16 سبتمبر 2013

الثالوث المقدس


تتركز السياسة السعودية على ثلاثة ركائز أساسية ، أهمها كرسي الحكم والآخران عقدان أبرما مع بداية تأسيس الدولة الحديثة ، الأول العقد الداخلي وأساسه الإتفاق الشهير بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب وهو النواة الفكرية للدولة الحديثة ، والعقد الثاني خارجي بين الملك عبدالعزيز وروزفلت وهو اتفاق حمايةٍ مقابل ضمان المصالح ، ما عدا ذلك هي مجرد مؤثرات وليست ركائز بمعنى أنها تتغير بتغير الظروف الداخلية والخارجية .
المهم في كل ذلك العقد الداخلي ، ففكرة الحركة الوهابية عن الدولة ، تعتبر فكرة سطحية ، لخوائها المعرفي والسياسي ، فلا تجد من الدارسين في كل الكليات الشرعية من استفاد من الحركة كمعرفة ، بل كل ما يتم تعليمه يأتي من الخارج ، فمثلاً كلية الشريعة في الرياض ، درست فيها البكالوريوس ولم يفرض كتاب واحد من علماء الدعوة إلا ما كان عن مادة الفرائض للشيخ صالح الفوزان حفظه الله ، والباقي خارج الدعوة ، بل قبل تأسيسها ، حتى العقيدة ، تجدها الطحاوية والتدمرية ، فكتاب التوحيد أساس الحركة النجدية لا يدرس .
إلى هنا والأمر واضح وسهل ، وتتمثل الرؤية السياسية متماهيةً مع الدينية بلا خلل كبير أو إختلال علاقة ، فالديني يعي الركيزة الأولى ويعلم أن العقدين الأخرين ضروريين معه ، لا يمكن تجاوز أحدهما ، أو إسقاطها ، وللمعلومية فالسياسي يسمح ببعض الحرية النقدية داخل هذا الثالوث ، فتجد التنفيس في بعض قصص الإحتساب هنا أو هناك ، ثم اعتقال المحتسب وتسويق الإعتقال إعلامياً ، ومن ثم إطلاق سراحه ، كرسالة من السياسي للمجتمع أن العقد الداخلي محترم ومقدس عنده ، والإطالة في هذا الباب لا داعي لها ، كونها من المعلومات الأولية ولا تحتاج لتأملٍ كبير .
وكل الجماعات التي ظهرت لتقويض هذا الثالوث ، قتلت في مهدها ، فمن جماعة جيهمان ، إلى تنظيم القاعدة ، إلى دعوات الإصلاح الديني والسياسي ضعيفة البنية والتركيب ، والتي كانت العدو المفضل للسياسي ، فهي ضعيفه ولا تمتلك حاضنة إجتماعية حقيقية يعول عليها في أي صراع .
جماعة الإخوان المسلمين خالفت كل الأعداء المفترضين أو الذين فرضوا كأعداء ، فمن جانبٍ هي جماعة منظمة تتبع تسلسلاً هرمياً ، ولها بعد اجتماعي كبير وملاحظ ، وهي غنية معرفياً بالمقارنة مع الحركة النجدية ، بل تتميز عليها بطرح مشاريع سياسية حقيقية ، ذات بعد إسلامي مؤصل بشكل من الأشكال .
مثل هذه الجماعة الأصولية ، قبل أن تكون عدواً محتملاً للأنظمة الحاكمة في المنطقة ، هي عدو حقيقي للغرب ، الذي يعي ويعلم مدى خطورة تحديث الأصولية وهو ما تطرقت له سابقاً في موضوع الأصولية المحرمة ، ولن تترك هذه الجماعة في أي مكان تطاله يد الأنظمة الحاكمة ، التي تستمد قوتها من تماهي المصالح مع الغرب .
للفائدة والإطلاع موضعين كتبتهما الأول عن الأصولية المحرمة والثاني عن علاقة الإخوان بالمملكة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق