الخميس، 27 مارس 2014

صديقنا الملك


كتاب جيل بيرو ، ليس روايةً تراجيدية ، أو سيرة ذاتية ، أو حتى مؤلف تاريخي ، يحكي فصلاً من حياة الحسن الثاني ملك المغرب لم يظهر للعلن إلا مؤخراً ، بل هو فتحةً صغيرة في تابوت الظلام ، أظهر لنا بعضاً مما بداخله ، ولم يقع ماتم التطرق له إلا بنسبة لا تتجاوز ٥٪ في المائة من ذات الظلام ، جيل بيرو نفسه ذكر أن ماتم التطرق له هو ماتم تأكيده بالوثائق والتسجيلات والشهادات ، بعيداً عما يذكر بلا إثباتات قانونية يستطيع المؤلف الدفاع عن نفسه لو اضطر لذلك في المحاكم الفرنسية أو الأوربية .

كتاب الثمانية والأربعين ساعة كما يسميه المغاربة ( نظراً لأن الحد الأقصى لإعارته هو يومان ) دخل المغرب وانتشر فيها بفضل المهاجرين المغاربة الذين أرسلوه مصوراً بالفاكس ، بل دخلت بعض نسخه عن طريق من لايمكن تفتيشه من المسؤولين المغاربة ، لم يستطع الحسن الثاني بجبروته وسطوته أن يوقف الناس عن قراءته .
سمعت عنه وأنا في السجن بعد قراءتي لقصة مليكة أوفيقر ، التي انتهيت منها في أقل من أربع وعشرين ساعة بقليل ، عندما أسرتني بالظرف المشابه ( السجن ) وعلمت أن الغريب للغريب نسيب ، كما قال سيد الشعراء ، لم أترك فرصة لإبداء إعجابي بمليكة وكتابها حتى قابلت من قال لي ، هل قرأت الكوميديا لدانتي ؟ فقلت له نعم ! قال كتاب صديقنا الملك يقف بعيداً في سلم السادية والقسوة ، حتى أن دانتي بقدرته الكتابية والبلاغية لن يستطيع التطرق لأفكار الحسن الثاني في التعذيب مهما حاول وصف الجحيم .
أحسست بالمبالغة الزائدة من صاحبي ، مفسراً إطراءه بأنه إعجاب مبالغ فيه ، إلا أني تفاجأت بأن صديقنا الملك يزكم الأنف ويدمي القلب قبل العين مما فيه من سادية لا تخطر على بال .
قرأت في الكتاب لمحات من سيرة محمد أوفقير الرجل الغامض في كتاب مليكة المعنون بالسجينة ، ذكر جيل بيرو فصولاً من حياته لا تليق إلا بآلة قتل ممنهجة ، شخصية تقتل للقتل فقط ، نجم لمع مع المستعمر الأجنبي في فيتنام وإيطاليا مدافعاً عن مصالح الفرنسيين ، ثم لمع نجمه مع المستعمر الوطني في تعذيب المساكين وقتل الناس بالشوارع من طائرة مروحية في شوارع الدار البيضاء في السبعينات ، شخصية عاقبها الله بيد من كانت تحاول حمايته من المخربين والغوغاء ، بل طال العقاب كل ماله علاقة بأوفقير ، إن جاز أن يسمى عقاباً ، والأجدر أن يسمى انتقاماً سادياً قام به شخص سادي من شخص سادي أخر .
مدبوح والذي كسب الإسم من والده الذي كان عميلاً للفرنسيين فقتله المجاهدون في وادي الرمال ، بيت المقري ، الدليمي ، الفقيه البصري ، شيخ العرب ، المهدي بن بركة ، تزمامارت ، القنيطرة ، الصخيرات ، علال الفاسي ، أسماء أشخاص وأماكن تعصف في ذهنك فلا تستطيع نسيانها بسهولة ، إن كنت حامداً أو ناقماً ، فالأمر سيان ، اختلطت المتناقضات في هذا الكتاب .
ستقرأ كيف قطع الحسن الثاني الماء عن حي كامل في الرباط لسبب مهم جداً وهو أن يملأ بحيرة الجولف !!
الأمير عبدالله أو عبدالله ٥١٪ كما يسميه المغاربة ، هو حالة متكررة من أصحاب النفوذ الذين يمارسون نفوذهم في سرقة أقوات الناس .
منظومة متكاملة للفساد وقودها المساكين والضعفاء ، ستمر عليك لتحرك فيك شيئاً مكيناً .
يقول جيل بيرو :
" الترويع هو الهيكل الداعم لنظامه وهو مثل الجحيم يتكون من عدة حلقات ، كل واحد ، أياً كانت الرهبة في مصيره ، يمكن أن يتأكد أن غيره معرض لما هو أسوأ ".
أتمنى أن يكون اختياري لهذا الكتاب مناسباً ويرتقي لمستوى القارئ وذائقته ، وأعتذر عن عدم كتابتي لقراءة ، لأني لم أجد ما يمكن تلخيصه ، كما أنصح بقراءة كتاب السجينة لمليكة أوفقير بعد قراءة هذا الكتاب .
ودمتم بود وتقدير .















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق