الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

المستفيد الوحيد

الحديث الدارج هذه الأيام بين أطياف المجتمع ، هو موضوع قيادة المرأة للسيارة وحملة ٢٦ أكتوبر ، وما سبقها من تفاصيل مهة جداً ، بعضها علاقته ملاحظة ، وبعضها قد لا ينتبه له .
في أحد المقالات السابقة تحدثت عن الثالوث المقدس ، وأوضحت فهمي لحقيقة الركائز الأساسية التي يقوم عليها النظام السياسي في المملكة العربية السعودية ، وهي باختصار كرسي الحكم والعقد الداخلي والعقد الخارجي ، وأنصح بقراءة المقال المذكور لتتضح الصورة بشكل أكبر .
قبل أن أفصل المواقف والنتائج ، أحب أن أوضح موقفي من قيادة المرأة للسيارة ، هي عندي ليست حراما ولا فرضاً ، وليست قرار سياسي أو شرعي هي حق اجتماعي ( عرف ) ، المخول الوحيد في منحها هو المجتمع بتقبل الفكرة من عدم التقبل ، لن أستفتي عالماً ، ولن أقبل قرار سياسي في مثل هذه الأعراف الاجتماعية ، ويكفينا من إدخال الفتوى في الأعراف باب الحرز والديات وما داخله من إشكاليات كبيرة .
المعارضين لقيادة المرأة للسيارة ، وسائلهم معروفة و متبعة من لدن قيام الدولة الحديثة إلى تاريخه ، إجتماع لكبار المشائخ والمحتسبين وطلبة العلم ، ثم التوجه لولي الأمر ( الملك أو نائبه ) للاعتراض على المشهد ، بالأسلوب القديم ، في رسالة مفادها أننا نحن الطرف الثاني في العقد الداخلي ( عقد الدعوة الوهابية ) وحضورنا لولي الأمر اعتراف كامل بالركيزة الأهم ( كرسي الحكم ) .
المطالبين لقيادة المرأة للسيارة لا يفضلون هذا الأسلوب ، ليس كرهاً فيه ، بل لعدة أسباب مهمة ، أن الحاكم إلى فترة قريبة كان لا يدخلهم في مجالسه الرسمية ، وكلنا يذكر كيف ضاق الشارع من تعيين الأستاذ تركي الحمد في منصب مستشار ولي العهد ، وما زال هذا التصرف ماثلاً للعيان وإن كان بدرجة أخف ، ولأجل ذلك منح المطالبين وسائل للتعبير وإيصال الفكرة منها الصحف والقنوات الفضائية ، التي لا يتمتع بها المخالفون .
المستفيد الأكبر من هذا الموضوع برمته هو النظام السياسي في البلد ، فإن صدر القرار بمنع المرأة من قيادة المرأة للسيارة ، فهذا يعني أن العقد الداخلي معمول به ، وأن الطرف الثاني فيه مازال ذا إعتبار عند الحاكم .
وأن صدر القرار بقيادة المرأة للسيارة فهو المستفيد أيضاً ، خصوصاً أن السياسة الخارجية والضغوطات التي تعاني منها المملكة في ملف حقوق الإنسان والمرأة والطفل ، والانتقادات التي واجتها من منظمة العفو الدولية حول هذه الملفات والإنتهاكات الصريحة فيها ، ستجعل مثل هذا القرار إضافة جديدة في سجل تلميع صورة المملكة في ملفات حساسة خارجية .

أحب التذكير فقط بأن المعترضين كالمطالبين ، لن يتم اتخاذ أي إجراء سواءً منع القرار أو سمح ، بل سيعودون لمعركتهم من جديد في ملفات أخرى ، وللتذكير ! استحضر دمج تعليم البنات بالبنين لتعلم ما أقول ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق