المجموعة الثانية :
هل الإسلام أيدلوجيا ؟
قبل التفصيل في هذه المسألة ، يجب التأكيد على عدم وجود تعريف متفق عليه لمفهوم الأيدلوجيا أساساً ، بل ذكر مكليلان سبع وعشرين تعريفاً لها .
ويمكن مقارنة تعريفين من تعاريف الأيدلوجيا :
الأول : ما ذكره بوبر من تعريف ، وهي أنها ( نظام مغلق وشامل للفكر ) أي أنها عكس التنظير العلمي .
الثاني : مجموعة من المبادئ السياسية المتماسكة .
فبوبر يركز على نفي العلمية عن الأيدلوجيا ، فيما يركز التعريف الثاني تماسك المبادئ السياسية .
وبالرجوع للإسلام كدين واستقراء النصوص ، نجد ما يلي :
الإسلام كدين لا يتعارض مع العلم ، وهذا ثابت بالإجماع ، ولا يزال التأكيد عليه من قبل العلماء والفقهاء ، ولا أدل على ذلك بقوله ( أنتم أعلم بشؤون دنياكم ) فالهادي المعصوم لم يحتكر كل المعلومات عن طريق الوحي ، ولم يشترط أن كل ما يمارس يجب أن يكون تبعاً للوحي ، لصعوبة ذلك على الناس .
في مسائل السياسة نستطيع ملاحظة ما قام به الخلفاء الراشدون عليهم رضوان الله ، فلم يكن لهم طريقة معينة في الوصول للحكم ، ولا طريقة معينة في هيكلة الدولة ، بل هناك مبادئ معينة اتفقوا عليها كالشورى مثلاً .
وبالعودة لكتاب مدخل إلى الأيدلوجيات السياسية ، نجد أن المؤلف يعتبر أن الأيدلوجيا تتميز بما يلي :
١) تصور للواقع .
٢) تصور للمستقبل .
٣) طريقة للتغيير .
وحين نتعرض للإسلام كنص ، بعيداً عن التفسيرات اللاحقة والمتأخرة عن تفسير الصحابة ، نجد أن الإسلام يتصور الواقع والمستقبل بمنظور مبادئ ، بلا إسقاطات معينة على أحداث معينة ، ففي التحكيم بين علي ومعاوية وخروج الخوارج على علي رضي الله عنه ، نجد أثراً عن علي رضي الله عنه قال فيه ( القرآن حمال أوجه ) ، أي بلا فهم حقيقي للتنزيل وطرق التأويل ، فسيخرج كل إنسان بوجه مختلف ، وهو ما يتعارض مع الرؤية التي جاء بها الإسلام ، من نبذ الفرقة والإجتماع حوله .
وعندما يتحدث الإسلام عن التغيير ، نجد التركيز على مبدأ أن التغيير منوط بتغيير النفس ، في إشارة للمسألة الروحية والمعنوية ، أكثر من العمل الثوري نفسه .
كل ما سبق يقودنا إلى متابعة المذاهب السياسية التي خرجت من الرؤية الإسلامية ، ففيها تضارب و اختلاف يزيد وينقص بحسب كل مقارنة بين مدرستين مختلفتين .
فعندما يختصر الإسلام بأنه أيدلوجيا ، سنضع فكرة الفرقة والتي ينبذها الإسلام كدين ويحث على نقيضها ( الإجتماع ) موضع التطبيق .
الإسلام دين تستقي منه الكثير من الأيدلوجيات مصادر فكرها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق