الأربعاء، 28 أغسطس 2013

التربص عندما يكون بالمحاكاة ( سلمان العودة أنموذجاً )


التربص كحقيقة إعلامية ملاحظة في الدعاية العدائية ضد كل ماهو أصولي أو يدور في فلك الأصالة ، وامتدادها من قدم الدراسات الاستشراقية غير الموضوعية ، التي تحاول تفسير الثقافة الإسلامية كمحور للتخلف والهمجية .
ومع الإنفجار التقني وثورة المعلومات زادت هذه الدعاية بشكل ملاحظ حتى جاءت أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر ، وركب الموجه العالمية لمكافحة الأرهاب أطراف منتفعون أو مرغمون على ركوبها متمثلين للشعار الواضح والصريح من قبل بوش الإبن ( من ليس معنا فهو ضدنا ) ولنقل تقاطعت مصالح بعض القوى والتيارات مع السياسة العالمية الجديدة لنكون أكثر إنصافا ودقة في التوصيف .
وما حدث من تبادل للوسائل والمعلومات أمر لا يخفى على أحد وليس مجالنا هنا لطرح الأمثلة ، الا ما كان من سبب كتابة هذا الموضوع الا وهو التربص بالطرف الأخر وتصيد الأخطاء أو الكلام المحمول على أكثر من تفسير بحسب قدرة المفسر وملكته الجدلية .
فأصبحنا نسمع بفتاوى غريبة من أشخاص مغمورين وصل تداول فتاواهم الكثير من وسائل الإعلام المرئي والمقروء ، في حالة من الدعاية العدائية لا يمكن تفسيرها إلا هكذا ، وإن حاول الطرف الأصولي ممارسة نفس اللعبة وقد فعلها مرارا وتكرارا فسيقع في ضعف الإمكانات وعدم تماسك الصف الذي هو فيه وتخبط الوجهه ضد توحد ومعرفة تامة بما يريدون من قبل الطرف الآخر .
كل ما سبق هو توصيف لا يحمل دلالة معينة أو توجه معين ، لكن الغريب في الأمر والذي لاحظته بقوة تماهي الناس مع هذه اللعبة بالمحاكاة ، فلا تكاد ترى هاشتاق في تويتر من هذا القبيل إلا وجدت الجميع يغرد ويستنكر ما لا يفهمه أصلا ، ولكن وجدنا الناس يقولون فقلنا ، وتجد فريقا أخر يدخل من باب السخرية والتهكم ولا يدري أنه بذلك دخل من حيث لا يدري في صراع قد لا يعلم أنه فيه ، يزيد النار حطبا وقد يكون في معسكرٍ لا يريده في الأساس بل هو ضده ولكن لما أوضحت سابقاً تواجد فيه .
الاستقطاب الحاصل لن يترك أحدا في حاله وسيركب الجميع في إحدى السفينتين ان عاجلا أم آجلا ، فلا تجعل من نقدك للفكرة سببا في التخلي عنها ، ولا من رؤية قد ملكت القوة سببا في تخليك عن المبدأ ، وللعلم فإن النقد يعني عند العقلاء طرح امكانيات أكثر للمعنى المنقود لا نفيه أو تركه .
والأهم من ذلك كله الإيمان بقدرة البشر الناقصة عن الكمال الملائكي فإن أخطأ أحدهم فهذا هو الأصل ، وإن أصاب قلنا أحسنت ، وحمل كلام أستاذنا الوالد سلمان العودة من هذا القبيل ، فإن كان هناك خطأ هو آدمي الأصل فيه الخطأ وإن أصاب وهو ما فهمته من كلامه قلنا أحسنت ، ولا نجعل النقد هدماً بل نحمله على زيادة إمكانيات التفسير للنص .

السبت، 24 أغسطس 2013

دعاة القطيعة



القطيعة التي افترضها الجابري كخيار وحيد مع ما يسمى عصر الانحطاط وإعادة دراسة المصادر وفق الرؤية التي استجلبت من طرق الغرب في التحليل والتفكير ، أعادتنا للتبعية الغربية بوجه من الوجوه ، وكان الأجدر والأسمى تطوير أساليب التحليل والتفكير ، وإكمال ما حاول المحققون ابتداءه من أمثال ابي حامد الغزالي وابن تيمية وبن رشد وصولا إلى الكواكبي ومالك بن نبي ، مع عدم إغفال بعض المناهج الحديثة كأسلوب ووسيلة لا أن تكون غاية بحد ذاتها ، فلكل أمة خصوصية تستقل بها عن غيرها ، ولها ارتباط من نوع يجمع كثيرا من الأمم معها .
يفترض الجابري وغيره أن الحدس وحده قادر على فهم النصوص ، وهو قول مسبوق عليه وإفتراض العقل كمحك وحيد للتأويل ، نقده كبار المحققين من قديم كأبي حامد الغزالي رحمه الله حين يقول :
فقالت المحسوسات بمن تأمن أن تكون ثقتك بالعقليات كثقتك بالمحسوسات ، وقد كنت واثقاً بي فجاء حاكم العقل فكذبني ، ولولا حاكم العقل لكنت تستمر على تصديقي فلعل وراء إدراك العقل حاكماً أخر ، إذا تجلى كذب العقل في حكمه ، كما تجلى حاكم العقل فكذب الحس بحكمه . 
وإن جزم الغزالي بأن حكم الوحي والكشف الصوفي أسمى من العقل فنحن إن وافقنا في الأولى لم نوافق في الثانية للزوم العودة مرةً أخرى لما كنا نخشاه من تفوات الفهم والأذهان .
وسبق الغزالي الشكاك كصالح بن عبدالقدوس في إنكار قوة العقل والجاحظ حسب المبدأ الإعتزالي المعروف ( العدل ) حيث فرض أن التفكير له آفق لا يتجاوزه وهو ما يصطلح عليه حالياً بإجتماعية المعرفة في موضوع قد يطول ، ولا ينسى هنا رأي ابن حزم الظاهري المشنع على تحكيم العقل في النصوص حسب الروية الظاهرية للنصوص .
محاولات مفكري القطيعة كما أسمتهم فتيحة فاطمي في كتابها التأويل ، لا تقل في أهميتها عن محاولات مفكري المناهضة لكل ماهو غربي من أمثال الشيخ طه عبدالرحمن ، وفي كلٍ خير ولو تم لذي عقل نبيه وعلم محصن وقصد سليم أن يربط بين المنهجين كما يرى ذلك وأفهمه من كلامه العلامة عبدالله بن بيه ، لخرجت لنا رؤى وأطروحات تحاول فهمنا كما نحن حقيقةً لا كما يفترض أن نكون .
يقول بن تيمية رحمه الله :
“والناس يتفاوتون في قوى الأذهان أعظم من تفاوتهم في قوى الأبدان “. 

الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

السياسة الخارجية الأمريكية


السياسة الخارجية الأمريكية قائمة بالأساس على رأس المال ، وكل ما يتعارض مع النهج الرأس مالي الأمريكي سيصنف كعدو ، يجب إزالته ، والدعاية الأمريكية الضخمة عبر وسائل الإعلام من أنها داعم حقيقي للديموقراطية محض إفتراء ، ينفيها مواقف الإدارة الأمريكية في مناسبات كثيرة لعل أخرها الموقف من مصر .
والحديث عن تغلغل رأس المال في مفاصل السياسة الأمريكية ، ليس بالحديث الجديد ، فالمستثمرون هم الأكثر نفوذاً داخل المجتمع الأمريكي  وبالتالي داخل دائرة صنع القرار الأمريكي الموجه أصلاً للرأس مالية .
ولا تمانع الإدارة الأمريكية من إستبدال نظام ديموقراطي بأخر إستبدادي شامل التعذيب والقتل ، في حال تعرضت مصالح المستثمرين الأمريكان للخطر .
فقبل سقوط جدار برلين ، إستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية ذريعة محاربة الشيوعية ، بالقضاء على كل محاولة وطنية في البلاد الصغيرة ، التي قد تكون نموذجاً يحتذى به من قبل الدول الأكبر ، فتشب الدول بجميعها عن طوق الرأسمالية المجحفة بحق الشعوب .
يتحدث كيسنجر في السبعينات عن دولة شيلي في عهد الليندي أنها فيروس يعدي المنطقة إلى إيطاليا ، ويقتبس تشوميسكي عن لارس شولتز أحد الأكاديمين البارزين في مجال حقوق الإنسان ، أن المساعدات الأمريكية تميل إلى الزيادة مع الحكومات التي تمارس التعذيب مع مواطنيها ، ويكشف تشوميسكي بأن المصطلح السياسي الذي تتداوله الخارجية الأمريكية ، يختلف بمدلوله عن المتداول أكاديمياً أو وسط النخب ، فهو يرى الديموقراطية وفق هذا المجال تعني :
النظام الذي تتخذ فيه النخبة من رجال الأعمال القرارات !!!
ويقودنا ذلك إلى مصطلحات أخرى كثيراً ما استخدمتها الإدارة الأمريكية ، مثل مصطلح الدفاع ضد العدوان ، أيام حرب فيتنام ، وعملية السلام بين العرب وإسرائيل والتي لا يكاد يختلف فيها إثنان ، فلا تعويل حقيقي على المصطلح السياسي للخارجية الأمريكية .
وفي خضم الأحداث الأخيرة ، يجب الوعي لموقف الإدارة الأمريكية ، وعدم تصديق شعاراتها ، أو تخبط سياستها ، والإنشقاق الواضح في التعاطي بين شخص الرئيس ، وأعضاء إدارته ، والكونجرس ، فكل ما يبدو لا يتعدى كونه فصلاً بسيطاً من فصول اللعبة ، لا تلبث التوجهات أن تتحد .
ما ينبغي معرفته أن تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ، في ملفات كثيرة يضعنا في دائرة عدم الثقة ، ووجوب التعاطي مع الدهاء بدهاء ، حتى تنجلي الغمه ، ويتضح الطريق للجميع ، أو الأكثر على أقل تقدير .
لا انسياق ولا تجاهل ، والخروج بالمسلمات الأكثر إتفاقاً ، وتأخير ما لا اتفاق فيه إلى مراحل متقدمة من العمل ، هو الطريق الأقل خطورةً للجميع .
رعى الله بلادنا وحماها من كل شرير .