السياسة الخارجية الأمريكية قائمة بالأساس على رأس المال ، وكل ما يتعارض مع النهج الرأس مالي الأمريكي سيصنف كعدو ، يجب إزالته ، والدعاية الأمريكية الضخمة عبر وسائل الإعلام من أنها داعم حقيقي للديموقراطية محض إفتراء ، ينفيها مواقف الإدارة الأمريكية في مناسبات كثيرة لعل أخرها الموقف من مصر .
والحديث عن تغلغل رأس المال في مفاصل السياسة الأمريكية ، ليس بالحديث الجديد ، فالمستثمرون هم الأكثر نفوذاً داخل المجتمع الأمريكي وبالتالي داخل دائرة صنع القرار الأمريكي الموجه أصلاً للرأس مالية .
ولا تمانع الإدارة الأمريكية من إستبدال نظام ديموقراطي بأخر إستبدادي شامل التعذيب والقتل ، في حال تعرضت مصالح المستثمرين الأمريكان للخطر .
فقبل سقوط جدار برلين ، إستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية ذريعة محاربة الشيوعية ، بالقضاء على كل محاولة وطنية في البلاد الصغيرة ، التي قد تكون نموذجاً يحتذى به من قبل الدول الأكبر ، فتشب الدول بجميعها عن طوق الرأسمالية المجحفة بحق الشعوب .
يتحدث كيسنجر في السبعينات عن دولة شيلي في عهد الليندي أنها فيروس يعدي المنطقة إلى إيطاليا ، ويقتبس تشوميسكي عن لارس شولتز أحد الأكاديمين البارزين في مجال حقوق الإنسان ، أن المساعدات الأمريكية تميل إلى الزيادة مع الحكومات التي تمارس التعذيب مع مواطنيها ، ويكشف تشوميسكي بأن المصطلح السياسي الذي تتداوله الخارجية الأمريكية ، يختلف بمدلوله عن المتداول أكاديمياً أو وسط النخب ، فهو يرى الديموقراطية وفق هذا المجال تعني :
النظام الذي تتخذ فيه النخبة من رجال الأعمال القرارات !!!
ويقودنا ذلك إلى مصطلحات أخرى كثيراً ما استخدمتها الإدارة الأمريكية ، مثل مصطلح الدفاع ضد العدوان ، أيام حرب فيتنام ، وعملية السلام بين العرب وإسرائيل والتي لا يكاد يختلف فيها إثنان ، فلا تعويل حقيقي على المصطلح السياسي للخارجية الأمريكية .
وفي خضم الأحداث الأخيرة ، يجب الوعي لموقف الإدارة الأمريكية ، وعدم تصديق شعاراتها ، أو تخبط سياستها ، والإنشقاق الواضح في التعاطي بين شخص الرئيس ، وأعضاء إدارته ، والكونجرس ، فكل ما يبدو لا يتعدى كونه فصلاً بسيطاً من فصول اللعبة ، لا تلبث التوجهات أن تتحد .
ما ينبغي معرفته أن تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ، في ملفات كثيرة يضعنا في دائرة عدم الثقة ، ووجوب التعاطي مع الدهاء بدهاء ، حتى تنجلي الغمه ، ويتضح الطريق للجميع ، أو الأكثر على أقل تقدير .
لا انسياق ولا تجاهل ، والخروج بالمسلمات الأكثر إتفاقاً ، وتأخير ما لا اتفاق فيه إلى مراحل متقدمة من العمل ، هو الطريق الأقل خطورةً للجميع .
رعى الله بلادنا وحماها من كل شرير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق