الثلاثاء، 4 مارس 2014

الإضراب عن الطعام

الإضراب عن الطعام :
هي وسيلة ضغط سلمية يقوم بها السجين أو الممارس السياسي لفرض رأي سياسي معين أو للفت الإنتباه لوضع يراد تغييره .
وكيفية الإضراب هي أن يمتنع المضرب عن أكل الطعام دون السوائل ، لمدد متفاوتة تختلف من شخص إلى آخر حسب قدرة الإنسان على تحمل الجوع وعجز الجسم عن الحصول على الطاقة لمعالجة الوظائف الحيوية ، وتختلف هذه المدد من شخص إلى أخر ومن مجموعة إلى أخرى ، ولعل أطول مدة إضراب عن الطعام عرفها العالم الحديث هي للأسير سامر العيساوي في سجون الإحتلال الصهيوني والتي إمتدت لتسعة أشهر .
وللأسرى الفلسطينين مع الإضراب قصص وحكايات يطول ذكرها ، منها الجماعي ومنها الفردي ومنها الموقت ومنها الطويل وهكذا ، ومن أبرز من مارس الإضراب في العالم كبار الساسة والحكماء كغاندي وبهجت سنغ .
والثقافة العربية تعرف هذا النوع من الضغط السلمي من أيام جاهليتها الأولى فقد مارسه أبو مليل اليربوعي حين أسره بسطام بن قيس يوم نغف قشاوة ، وقد قال له أبو مليل قتلت بجيراً ( ابنه ) وأسرتني وابني مليلاً ! والله لا أطعم الطعام أبداً وأنا موثق ، فكانوا يأتونه بالطعام فيظل يطرد الكلاب عنه طول ليله لكي لا تأكله فيظن أنه هو الذي أكله ، حتى تعب وبان عليه الإجهاد فقالت بنو شيبان لبسطام فك إساره لا يهلك عندك فتعيرك العرب !.
وممن أضرب عن الطعام معبد بن زرارة في بني عامر حتى فتحوا فمه بعود وسكبوا فيه اللبن ، أجبروه على قطع الإضراب ( التغذية الجبرية ) .
وفي الثقافات الأخرى عرفت إيرلندا ماقبل المسيحية الإضراب ، ضمن قواعد محددة معروفة لديهم ، فكان المضرب يقف أمام بيت من يريد ضيافته أو يريد حقاً منه مضرباً عن الطعام ، حتى يعطيه حقه ، من يمت المضرب أمام داره يعير بها وتعتبر عندهم مسبة أبد الدهر ، كحال العرب في جاهليتهم ، وفي الثقافة الهندية عُرف الإضراب عن الطعام في الفترة الممتدة من عام ٤٠٠ إلى ٧٥٠ قبل الميلاد ، وكانت بهدف الحصول على العدالة ، ولم تلغى إلا في عام ١٨٦١م .
والمضرب في أول ثلاثة أيام يرتفع عنده منسوب السكر ، بسبب قيام الجسم بإستخدام الطاقة المخزنة فيه ، وبعدها يبدأ الضعف واضحاً وجلياً ، حتى يصل إلى مراحل قد يصاب المضرب بشلل كامل أو الموت أو تعطل أحد الوظائف الحيوية في الجسم كالكلى مثلاً أو الكبد .
وعندما كنا في السجن كانت هذه الوسيلة معروفة لدى الجميع ، يمارسها من يريد تغيير وضع معين أو لفت إنتباه أو له معاملة لم يستطع تمريرها ، وغالب الإضرابات تحصل بأسباب تافهة يستطيع أصغر عسكري أن يحلها كالنقل من غرفة أو إتصال ضروري أو الذهاب لطبيب الأسنان أو هكذا .
ومن القصص المضحكة المبكية أن أحد الأخوة من صعيد مصر كان معي يحدثني عن تجربته مع الإضراب ، فيقول سمعت أن الإضراب يأتي بنتيجة فإمتنعت عن الأكل والشرب لستة أيام حتى كدت أموت ، وكان المحقق يقول لي أضرب لا بأس ولكن إشرب ماءً ، فأمتنع ( تتنيحة صعايدة يقولها لي هكذا بلسانه ) حتى خافوا أن يتضرر فأعطوه مطلوبه السهل البسيط جداً .
وسمعت عن أحدهم أنه أضرب حتى دخل في غيبوبة دائمة ولا أعلم ماهو التشخيص الطبي لمثل هذه الحالة ، لكن يبدو لي أنها جلطة في المخ ، حتى إنه تم تناقل فتوى من الشيخ سليمان العلوان فك الله أسره تحذر وتحرم من الإضراب وأنه لا يجوز القيام بهذا الفعل مهما كان السبب ، وأظن الشيخ خالد الفليج يوافقه في ذلك ولست متأكداً .
وفي الختام فقد ذكر ابن خلدون في المقدمة أن بعض الناس يمتنع عن الطعام سنين طويلة عن طريق الرياضة وتعويد الجسم والنفس على الصبر عن الطعام .




















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق