ورد خبر قبل قليل في قناة BBC عن أن روسيا تعيد تشغيل خط القطارات مع كوريا الشمالية ، وتحاول الضغط على الكوريتين لربط شبكتي النقل الحديدي بينهما ، مما سيؤثر سلباً على حصة قناة السويس في سوق نقل البضائع العالمي .
هذا الموضوع ليس جديداً ، فمنذ بدأ الحديث عن ظاهرة الاحتباس الحراري والعالم الغربي يتلمس الفوائد من ذلك ، الظاهرة باختصار عبارة عن ارتفاع في معدلات درجة حرارة الكرة الأرضية بسبب الغازات المندفعة ، وهي معروفة ، ويمكن الرجوع لها في الويكيبيديا لمعرفتها ، أو في المراجع المختصة .
الحديث هنا عن تبعات هذا الارتفاع والمتمثلة في ذوبان الجليد في القطبين ، ومن قمم الجبال ، وارتفاع معدل مستوى البحر ، مما يهدد دول كثيرة كالمالديف مثلاً بالاختفاء للأبد ( نسبة ارتفاعها نص متر عن سطح البحر ) ومع الإشكاليات الكبيرة للنقل الملاحي العالمي عبر قناة السويس ، أحد أهم المضائق عالمياً ، بسبب القرصنة في المحيط الهندي وبحر العرب ( سأحاول أن أكتب في القريب عن ظاهرة القرصنة وأسبابها ونتائجها ) والاضطراب الملاحظ في المنطقة بسبب موجة الربيع العربي ، ورغبة أمريكا في التخلي عن المنطقة ، كبعد استراتيجي ، بسبب الاكتشافات الأخيرة للنفط والغاز والتي ستجعل الولايات المتحدة الأمريكية أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم في غضون سنوات قليلة ، وعلى أقل تقدير ستصل إلى الاكتفاء الذاتي .
حجم التجارة العالمي بين دول الشرق الأقصى والغرب هو الأعلى على مستوى العالم ، ولمعرفة مستوى منطقة الشرق الأوسط من التجارة العالمية ، يكفي أن تعلم أنها في المرتبة التاسعة من حيث حجم التبادل التجاري مع الصين مثلاً .
كل ما سبق يضع علامة استفاهم كبيرة حول مستقبل المنطقة ، فالمنطقة أهميتها كانت تجارية استرتيجية ، وبدأت تفقد بريقها ، وستكون في المدى المتوسط منطقة شبه منسيه عالمياً ، لا يعيرها العالم أي اهتمام ، ولولا وجود إسرائيل لكانت منسية الآن ، ولا أحد يهتم لمشاكلها .
عند الرجوع للتاريخ ، نجد أن بعض المواقف العظيمة في وقتها ، سجلت نكسات للمنطقة تعاني منها إلى الآن ، فمثلاً عطل السلطان سليمان القانوني طريق الحرير بدعوى التفرد والسلطة على العالم ، فبحث العالم عن طرق أخرى زاد هذا البحث رغبة الإسبان والبرتغاليين في الإستعمار والبحث عن الذهب ، فإكتشفوا رأس الرجاء الصالح بمساعدة البحار العربي بن ماجد .
روسيا الآن تعيد تأهيل طريق الحرير القديم ، للنقل التجاري بين شرق آسيا وأوروبا عبر أراضيها ، مستفيدةً من ضياع البوصلة الاسترتيجية للدول الإسلامية والعربية ، ومن ظروف الاحتباس الحراري التي ستجعل من الشتاء الروسي أقل حدةً ، وسنرى إن جرى الماء في مضيق برينغ طوال العام كيف ستنهار خطوط الملاحة الحالية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق