الحراك السياسي الإجتماعي في المملكة العربية السعودية ليس وليد هذه الأيام بل هو قديم قدم تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله ، ولعل أبرز أزمة داخلية واجهت المؤسس هي المعارضة المسلحة من قبل جماعة الإخوان التي إنتهت للأبد في معركة السبلة الشهيرة .
إلى هذا الحدث ، يتم الحديث عن الإشكاليات الداخلية في تسويق غريب للإتجاه الواحد في البلد رغم التاريخ والجغرافيا ، مع إغفال جميع أنواع الحراك المسلح والسلمي ، في هذه الأسطر سأذكر بعض المواقف التي تستحق أن يطلق عليها إسم حراك سياسي معارض .
أول حراك سلمي تمثل في إضراب لسكان المنطقة الشرقية عام ١٩٥٣م وهو حراك خاص بالطائفة الشيعية ، مع إضراب ١٩٥٦م و١٩٧٠م و ١٩٧٩م ، كانت إضرابات وإضطرابات سلمية نوعاً ما ، أستغلت الإضرابات من المعارضين السياسيين ( إن جازت التسمية ) للمطالبة بإصلاحات سياسية محددة ، جاعلين من العدل الإجتماعي مدخلاً للتغيير ، فالمعاملة السيئة التي كانت تقوم بها أرامكو ضد موظفيها السعوديين ، مجحفة بكل المقاييس ، وعماد تلك المعارضات هم عمال أرامكو النخبة الفكرية في ذلك الزمن .
أفرزت هذه الإضرابات تشديداً ومعاملة قاسية من قبل الحكومة ضد الشيعة تمثلت في إنتهاك حقيقي لحقوقهم الدينية ، والتعامل معهم على أساس أنهم مواطنون من الدرجة الثانية ، مع إبعاد موظفي أرامكو عن المواطنين بالطرق الملاحظه الآن للجميع .
مع دخول العراق لدولة الكويت ، برزت إشكالية كبيرة جداً في الموقف الداخلي ، حيث ظهر للعلن ، إنفصال الموقف السياسي الخارجي عن الرأي العام ، تمثل ذلك في ظهور معارضين ينتهجون عملاً مؤسساً على مطالب مشروعة ، ومقبولة للجميع ، لم يتم التعارض مع أي مسلمة للمجتمع السعودي المحافظ والمرتاب من التغيير .
برزت مذكرة المصالح وخطاب المطالب المقدمة للملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله كأبرز معارضة دينية حقيقية تلك الأيام ، إرتكزت على أساسيات مهمه جداً ، منها أن مقدميها كانوا رجال دين وخطباء وقضاة ، ونوعية تعتبر متدينة بمقاييس الشعب السعودي نفسه ، وكانت بكل المقاييس مطالب مقبولة للجميع ومحبذه ، جوبهت بحملة غير مسبوقة وتجييش الرأي العام ضدها .
لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية والتي تأسست في ٣/مايو/١٩٩٣ هي الأعلى سقفاً من بين حركات المعارضة السياسية ( إن جازت التسمية ) كونها جاءت على شكل مؤسسة منظمة ، وهذا لم يعجب الرأي الرسمي للحكومة فجوبهت كأي معارضة بحملة شرسة تبناها العلماء كواجهة ، وتم إعتقال جميع الأصوات المعارضة تلك الفترة من داخل اللجنة ومن خارجها في محاولة حثيثة لقتل الفكرة في مهدها .
العلامة الفارقة في الحراك السياسي والإجتماعي والحقوقي عندنا من بعد أزمة الخليج هو الدكتور عبدالله الحامد ، الذي لم يفتأ ، يعلن ويصرح بوجوب الإصلاح الحقيقي في البلد متحملاً في ذلك كل ما يمكن أن تجود به عقلية السياسي من عقوبات ، متعاطياً مع الجميع بلا تفريق على أساس إنتماء أو تفكير إن كانت المحصلة في الأخير البحث عن إصلاح حقيقي توافقي بين مكونات المجتمع .
نشكر الشرفاء على صبرهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق