تكلمت عن نفسها بعبارات بسيطة في تركيبتها اللغوية ، عميقه في معانيها الإنسانية ، تلامس القلب قبل الفكر و العقل و العين ، بل تلامس الذوق و الحس ، و كل ما نبض في قلب الإنسان من عاطفة كتبت تقول :
“ أنا سارة الدريس ٫ كوني امرأة قد تكون تكلفة السجن علي أكثر من أي شخص ، لكن أقسم بالله لن يرهبني السجن “ .
جربتُ السجن السياسي و عرفتهُ عن قرب ، هذه العبارات لا تخرج إلا من قلبٍ حي ، مليء بالحياة ، يرفض الموت و هو ينبض بالكرامة ، هي الآن لا تُعرّف بأنها " سارة الدريس " فقط ، هي امرأة صامدة في زمنٍ قلّ فيه الرجال ، و كثر فيه المتشدقون بلا معنى .
لا ألوم من لم يستوعب هذه المعاني الليبرالية في كلامه و لم يدافع عنها ، ولا ألوم من يتشدق بالتشريع والشريعة والمقاصد بلا وعي و إدراك ، و لكني ألوم من يُحسب من المدركين من أتباع كلا التيارين .
بائعوا الحرية المزيفة ، أشباه البغايا حين يبعن الشرف المفقود مع أول ممارسة بأرخص الأثمان و أبخسها ، معتقدين بأن المبدأ يتجزأ أو يتعامل معه بنسبية فيزيائية .
هل من الحرية الليبرالية أن تصمت تلك الأفواه المتشدقة بالحرية و الساعية لمطالبها ، خارج المكان حين تصل الكرامة الإنسانية للانتهاك بالدواعي ذاتها كل مرة ، و هل من مقاصد التشريع عند من آذى أسماعنا بحرقته على الشريعة و أهلها ، خارج الحدود أن يبتلع لسانه لفوات المقصد القريب من عينيه ، بل هو أقرب إليه من نفسه ، و سيكون شعاره يومًا كما قال سيدنا علي رضي الله عنه في مقتل عثمان الخليفة المظلوم :
أكلت يوم أكل الثور الأبيض .
ثم ما الداعي للحديث بالعقلانية الساسانية عن بعض الأشخاص هنا أو هناك ، و جعلهم أنصاف آلهة ، وهم في قرارة أنفسهم يرفضون ذلك للقريب والبعيد سراً وجهراً ، هل ستأتي بتقدير حقيقي مطلوب و مرغوب ، أم تقدير مزيف يعتريه الوهن من الوهلة الأولى .
ما يحدث الآن في دولنا نذير شؤم ، و بون شاسع ، يتسع مع الوقت بين الحاكم و المحكوم ، بصورة لا ترقى إلى أن يُنسب الخلل للبطانة وحدها ، بل أصبحت كالسلوك الجمعي ، و التفكير الجماعي من الكل بلا استثناء ، تاركين كل المعاني البسيطة للعلاقة ، المبنية على العقد الاجتماعي المبسط جداً ، حين صاغه رجالٌ في بدايات دولنا ، متجهين نحو ساسانية مقيتة في العلاقة ، و حرية مصطنعة عند المثقفين لا يحق عليها إلا صلاة الميت فقد حان دفنها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق