المتابع لحال الجيوش العربية بعد التحرر من الإستعمار يلاحظ أنها وبال على الشعوب وإهدار للمال العام وعامل مساعد في تكريس الإستعمار الداخلي عبر حماية المستعبد المستبد ، قوية على شعوبها حد الوحشية من تنكيل وقتل وتعذيب ، ضعيفة حد الخور في تعاملها مع العدو الصهيوني كتجربة وحيدة لعدو مشترك للشعب العربي بلا استثناء ، تشاركت هذه الجيوش مع الجيش الصهيوني في عدة حروب كلها خسرتها إلا واحدة يشك في أنها لم تكن نزيهة .
تابعت حال الجيش العربي من إنقلاب الجزائر على حكومة الإنقاذ وما فعله من عجائب ترتقي حد جرائم ضد الإنسانية مع أفراد شعبه كل ذلك نصرة للمستبد ، حالهم مع الثورات الأخيرة واحد إلا إذا استثنينا الجيش التونسي الذي لم يقم بعدوان على الشعب ولعل هذا نابع من ضعف الجيش ذو التعداد القليل بالنسبة لباقي الشعب على عكس باقي الجيوش الأخرى كالجيش الليبي والسوري واليمني والعراقي وأخيراً وليس أخراً الجيش العربي المصري قلعة فخر الشعب العربي ومنصة الإعجاب الوحيدة أيام الإعلام المسيس .
كل هذه المقدمة يعلمها الجميع ولم آتي بجديد ولكن ما أريد قوله هنا أنه آن الآوان للنظر بجدية لتركيبة الجيوش العربية من قبل الثوار والثورات والنظر بجدية لوضع الجندية القائم على نفذ ثم اعترض في احسن الأحوال وإلا فالغالب نفذ وإلا تقتل بدعوى الخيانة العظمى .
يرى الكواكبي في الطبائع أن المستبد لا يستقوي إلا بوسيلتين جهالة الأمة والجنود المنظمة وهي من أكبر مصائب الأمم عنده ، حتى أن الأمم قد تتخلص من جهالتها كما هو ملاحظ في الثورات العربية على دخن بيّن للعيان بسبب طول عهد الاستبداد وقصر عمر الحرية واتساع نطاقها مما أفقد الأمة القدرة على ضبط مشيها نحو الحرية بالشكل الصحيح ومعرفة ما تريد ، فلا يلبث هذا الجيش شيئاً يسيراً إلا أعاد الكره وضرب بالقسوة المعهودة والتي تلقاها في مراكز التدريب ، أعود للكواكبي حيث يقول رحمه الله « الجندية فتفسد أخلاق الأمة حيث تعلمها الشراسة والطاعة العمياء والاتكال ، وتميت النشاط وفكرة الاستقلال ، وتكلف الأمة الإنفاق الذي لا يطاق ، وكل ذلك منصرف لتأييد الإستبداد المشؤوم ، استبداد الحكومات القائدة لتلك القوة من جهة واستبداد الأمم بعضها على بعض من جهة أخرى » .
نظام الجندية والجيوش العربية يحتاج لإعادة نظر لجميع المثقفين والمفكرين وقيادات الثوار وأنصار التخلص من الاستبداد المشؤوم ، جيوش مستهلكه ومتهالكه ونمطية قائمة على سلاح المشاة في عصر الأسلحة الفتاكة كأنها إنما وجدت من أساسها لتكريس القمع وترهيب الجموع ، سيأتي من يقول انها إنتصرت على الإستعمار وطردت المحتل وسأقول أنها في ذلك الوقت لم تكن جيوشاً نظامية حقيقية بل أشبه بالمليشيات في أحسن أحوالها وإلا فالصحيح أنها مجموعة مجاهدين متطوعين يبحثون عن تحرير بلادهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق