الدولة العميقة كعقبة :
الثائر على عهد قديم ، متغلغل حتى النخاع في مفاصل المؤسسات الحكومية ،
بشتى سلطاتها ، سيتفاجأ بما تم التعارف عليه مؤخراً بالدولة العميقة ، وهي عبارة عن موظفي دولة كانت موجودة تمت الثورة عليها ، لن يرضوا بالحياة على الهامش وهم من عاش سني حياته على الفساد والمحسوبية ، تواجد مثل هذه الدول سيربك الثوار بداية لقدرة هذه الأجهزة على خلق جو من الفوضى غير معروفة المصدر ، والتضييق على حياة الناس عبر تكبيل مفاصل الحياة اليومية بالقيود التي يجيد استخدامها بيروقراطيي الدول الشمولية .
ستتفاجأ بأن أبسط نواحي الحياة تعطلت ، وأن أكبر قضايا الناس ، أكثرها تفاهةً في العهد المقبور ، كل هذا وغيره لا يمكن إرجاعه للمؤامرة من العهد السابق لعمل ثورة مضادة ، فنظرية المؤامرة ليست حلاً لمشاكل الناس ، والتنظير بوجود مؤامرة لن يوفر ما اعتاده الناس من وسائل حياة مقبولة ، نحن أمام خيارين لا ثالث لهما :
الأول ما تم معرفته في العراق بقانون اجتثاث البعث ، ويعني بالضرورة كل من كان في الحكومة القديمة خارج العمل والسلطة ، وهو وإن اختاره الكواكبي إلا أنه خطر وحساس وقد يأتي بفوضى أعم وأشمل .
الثاني طريقة ( بطيء ومؤثر )، على النمط التركي ، وتفصيل المؤسسات وتحييد السلطات عن بعضها ، ومحاولة التعامل ببراغماتية ومصلحية ، والبحث عن الإقتصاد وترك القانون والدستور لقادم الأيام ، وخلع عباءة الأيدلوجيا والحزبية والتعلق بالرابطة الأكبر ( الوطنية ) ، الإهتمام بالشرطة والمخابرات والداخلية عموماً على طريقة اذهبوا فأنتم الطلقاء .
يرى سلمان العودة أن أهم الشعارات التي يجب تطبيقها هي :
الثورة تجب ما قبلها ، اذهبوا فأنتم الطلقاء ، رفض الثأر تحت أي تبرير ، لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه .
وقبل كل ذلك المصالحة الوطنية وإشراك الجميع في القرار الوطني .
وما قاله العودة رأينا حاجتنا له في بلاد الثورات كسوريا مثلاً حيث تم استقطاب الكفاءة ، الذين منحوا الثوار صفة المشروعية عالمياً .
ورأينا حاجتنا له في مصر حين تعطلت مناحي الحياة ، برفض الإخوان التعاون مع العهد القديم ، أو رفض العهد القديم التعاون مع الإخوان ، الأمر سيان فالمراد حاجات الناس الأساسية لا من يقدمها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق