هذه مجموعة من التغريدات في التعليق على مقال الدكتور فهد العجلان في صحيفة التقرير: فقه التغلب بين مدرستي (الغلو) و (التشويه).
تمنيت أولا لو لم يسهب الدكتور فهد في مقاله حتى لا تضيع الأفكار المهمة وسط الإسهاب في نقاش غير مهم ويرهق القاريء قبل أن يحصل على الاستنتاج.
كما تمنيت أن يبين لنا الدكتور فهد ماذا يقصد بمدرسة التشويه والغلو حتى لا يفترض كل قاريء لها معنى كما يشاء.
أول ملاحظة تشدك في المقال هي هذا التحول الفكري في موقف شخصيات مثل الدكتور، والتي تتلمذت على المدرسة التي تحمل ما يسميه هو بمدرسة التشويه.
تمكن الدكتور من التفريق بين المقصود بالمتغلب الأول الذي تغلب تحت مظلة تحكيم الشرع والمتغلب الحالي الذي لا يشبه الأول إلا في الاستبداد والظلم
وتمكن الدكتور فهد من توضيح أن القبول بالمتغلب كحاكم على افتراض أنه المتغلب الذي يقيم الشرع، لا يعني تزكيته وإقرار ظلمه والدفاع عنه.
وتمكن الدكتور فهد من الاعتراف بأن الخروج المسلح على المتغلب المستبد، رأي سائغ في الشرع، تمثله مدرسة منها صحابة وتابعون وعلماء كثير.
أشار الدكتور فهد إلى الخلط بين الفقهاء القدامى الذين انضبطوا بالقواعد المذكورة وتحميلهم جريرة الفقهاء المعاصرين الذين عملوا عكس تلك القواعد.
أحسن الدكتور فهد حين أشار إلى أن من يستهجن موقف الفقهاء من المتغلب يقرون التغلب حين يرفضون الخروج المسلح رفضا قاطعا وهذا عمليا رضا بالمتغلب.
وهذه ملاحظة على حد علمي لم يسبق إليها، وهي جدل قوي في وجه ( التنويريين ) الذين يرفضون بيعة المتغلب، ويربطون التغيير بالغاندية.
ربما يعتذرون بالإشكال الأمني، لكن الإشكال الأمني يمكن أن يبرر السكوت عن استخدام القوة، لكن لا يبرر صوتهم العالي ضد استخدام القوة.
لم يوفق الدكتور حين دافع عن حجة الفقهاء بالضرورة والمصلحة كمبرر للقبول بالمتغلب فهذا 1)مناقضة لمن يدعي العمل بالنص 2)تقدير مفتوح لكل من يدعيه.
ثم إن ذلك تعبير عن عجز المسلمين مقارنة بالأمم التي سعت للتغيير في ثورات عالمية أزالت مستبدين كثيرين، كان يبدو أن الضرورة تتطلب تحملهم.
لم يوفق الدكتور حين ربط إشكالية المتغلب بالقصور المعرفي فكثير من الذين غلوا في المتغلبين الحاليين لا ينقصهم العلم الشرعي ولا علم الواقع.
صحيح أن العلم والمعرفة توضح الصورة لكن لا تكفي دون سلامة المنهج والشجاعة في قول الحق وإلا تصبح المعرفة حجة على صاحبها وليست له.
كرر الدكتور فهد أن المقصود بالمتغلب هو من يسعى للتغلب وهذا غير صحيح، فكل الذين تحدثوا عن المتغلب لديهم وضوح أن المقصود هو من استقر له الأمر.
قال الدكتور حين ترفض القتال المسلح، وتريد الإصلاح، وتقرر الطاعة، فشرعية النظام ليست مهمة وهذا غير صحيح لماذا؟
لأن إعطاء المشروعية يعني أولا أن طاعة الحكام طاعة تعبدية لله وليس تحصيل حاصل، وثانيا أن أي سعي لإزالته حتى لو سلميا محرمة شرعا فلها أثر قطعا.
لم يوفق الدكتور حين دافع عمن يرى التراكمات التاريخية داعمة لرأي من يرى الرضا بالمتغلب فالتاريخ ليس دليلا شرعيا، وعلى كل حال اتجاهه ليس واحداً.
وحين كنا في هبوط حضاري ورضا بالاستبداد، نهضت أمم أخرى من هبوطها الحضاري، وحققت التخلص من الاستبداد بكفاءة، فالتاريخ ليس ذا اتجاه واحد.
أكمل الدكتور فهد حجته في عبارة يفهم منها ربط الاستقرار ومعه الحرية والعدل بالاستبداد وربط الفوضى بالتمرد على الاستبداد ومن ثم الظلم والطغيان.
وهذا تبرير للاستبداد وقلب لمعادلة السبب والنتيجة في السنن الإلهية، فالاستقرار نتيجة العدل وليس العكس والفوضى والعقوبات الإلهية نتيجة الظلم وليس العكس.
لم يوفق الدكتور فهد حين استغرب فهم الرأي بشرعية المتغلب أن هذا صك مفتوح لطاعة كل من يتغلب ويستقر له الأمر فالحقيقة أن فهمهم صحيح.
بل هي صك مفتوح، والذي يقرأ هذا الرأي يخرج باستنتاج على طريقة المثال الحجازي ( اللي يتزوج أمي أقوله ياعمي ).
وفي الختام هو جهد يشكر عليه، وربما نقرأ للدكتور مقالات جديدة يوضح فيها النقاط التي لا يزال فيها شيء من الغموض.
كل التقدير والاحترام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق