نظرية توينبي تتحدث عن السلب والإيجاب وهو المعادل الصفري في الممارسة السياسة .وهذا أمر لا يسلم به ، فالعالم يتجه الآن للتكامل في العلاقات الدولية وبناء المواقف جهة المصالح .وبالإضافة إلى أن الحضارات الحالية امتداد للحضارة الغربية ، بمفاهيمها المقتطعة من مجال مختلف ، لذا نرى أن بلداً مثل فيتنام يعتبر بالحسابات البسيطة منتصر على بلد مثل أمريكا خلال العدوان الشهير ، إلا أنها رغم ذلك تتابع أمريكا في سياسات الاقتصادية ، المبنية على السوق المفتوح .بالإضافة إلى أن الاستجابة التي يتحدث عنها توينبي قد لا تعني انهزاماً حقيقياً ، بل قد تكون استجابة مع النصر كما حصل للمغول حين اجتاحوا بغداد مثلاً ، فقد تأثروا بالحضارة الإسلامية حتى صاروا جزءًا منها .نظرية التحدي والاستجابة ، نظرية عميقة وجديرة بالاهتمام ، لكنها ليست مسلمة بإطلاق ، فقد ووجهت بانتقادات كثيرة ، ونظرته للحضارة الغربية أنها وليدة الكاثوليكية هي عكس فكرة الأنواريين ( فولتير وديدرو وغيرهم ) ، الذين ينفون أي علاقة بين الحضارة الغربية مع الدين .هناك نقطة جوهرية عند توينبي يدور حولها أكثر المفكرين الغربيين ، وهي المركزية الغربية ، والتي تعني أن المقياس على الجميع هو الغرب نفسه ، وهي ملاحظه عند توينبي مثلاً حين يقيس الحضارات على الحضارتين الإغريقية والرومانية .يرى توينبي بأن مصير الشعوب يرتبط بالعظماء من الأفراد ، وهذا رغم وجوده كثيراً في الحضارات القديمة والحديثة ، إلا أنه لا ينفي وجود عمل جماعي لبناء حضارة ، فالمسلمين مثلاً رغم عمق تأثير النبي المعصوم على حضارتهم ، إلا أن المجموع هو باني الحضارة ، وهو ما يشير له "ابن خلدون" في مقدمته بالعصبية ـ والتي تنفي شخصية السوبرمان كما عند نيتشة أو الإله الفاني ـ عن الحضارة الإسلامية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق