الحديث هذه الأيام ، عن تعويض ورثة رجل أعمال شهير عن أراضي مملوكة لهم بحجج استحكام ، وتضمنت هذه الأراضي أرض استاد الأمير عبدالله الفيصل ، وموقع حلقة الخضار والفاكهة ، وأجزاء من مخطط سكني ، وأراض متفرقة في أنحاء جدة ، وهناك حديث عن اعتراضات قائمة من قبل إمارة منطقة مكة ، والأمانة في العاصمة المقدسة محافظة جدة ، ووزارة المالية ، هي كقضية لا يهمنا ما تأول إليه ، بقدر ما يهمنا وجود مثل هذه المصيبة العقارية ، والتي أجزم أن ما يخفى أعظم وأكبر ، خصوصاً على مستوى الأراضي الصغيرة في المدن المملوكة للدولة أو للمواطنين .
هذه الإشكالية تقودنا إلى طرح قديم جديد ، وسبق أن طرحناه على فضيلة الشيخ عبدالرحمن السند في المعهد العالي للقضاء أيام الدراسة ، وهو عبارة عن تنظيم مؤسسة حكومية تتبع وزارة العدل أو المالية تقوم بما يسمى الشهر العقاري ، العجيب أن فضيلة الشيخ قال أن هذه الفكرة طرحت حقيقةً ، وكونت لجنة لدراستها ، فخرجت اللجنة بأن مدة حصر الأراضي ستطول إلى عشرين سنة !!!.
تذكرت كلاماً قاله الشيخ علي الطنطاوي في مذكراته ، أن من فوائد الإستعمار الفرنسي للشام حصرها للأراضي والعقارات عبر ما يسمى الطابو ، وللمعلومية فالاستعمار الفرنسي لسوريا استمر ٢٦ سنة فقط ، وتم عمل الطابو ، وبوجود هذه التقنيات ، ووسائل الملاحة الفضائية ، والتصوير الفضائي أظن الوقت الذي أقرته اللجنة المذكورة في كلام الشيخ عبدالرحمن السند مبالغ فيه جداً .
وللمعلومية ، فوظيفة الشهر العقاري تعني حسب الوكيبيديا تسجيل وثائق الأملاك ، وما يتبعها من حجج وسندات ورهونات في سجلات الأملاك ، ويمكن الرجوع للعقار المسجل من قبل الطرفين ( البائع والمشتري ) للتأكد من سلامة الملكية ، ومعرفة هل العقار يعاني من إشكاليات معينة ، كالحجز ، أو الرهن وغير ذلك مما هو معروف في سوق العقار ، وفي أغلب الدول هذه المنشأة ففي مصر يسمى الشهر العقاري وفي سوريا يسمى الطابو وفي الجزائر الشهر العقاري وهكذا ..
ووظيفة القائم بأعمال الشهر العقاري في بعض الدول الديموقراطية ، يُنتخب على مستوى المحافظة ، ففي أمريكا مثلاً ينتخب ويسمى مسجل المحافظة ، والانتخاب أسلم وأضمن لحيادية الموظف ونزاهته .
أظننا نحتاج إعادة النظر لموضوع الشهر العقاري أو الطابو ، أو لنسمه ما نسميه فالمقصد وظيفته وفائدته ، فنحن فيما يبدو مقبلين على فرض ضرائب على الأراضي البيضاء ، وبدون الشهر العقاري سيصعب قيد وحصر أي عقار في البلد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق