السرورية
مصطلح غير واضح المعالم أو ثابت ، بل مجرد وصف كيان ، لتيار واسع الانتشار ، في الطيف الإسلامي عموماً و السلفي خصوصاً ، متميز بنشاط فكري ، و حركي ، يعطي مجالاً للاتصال ، مع الدوائر الإسلامية ، خارج التيار السلفي ، بل و حتى خارج الدائرة الإسلامية .
أصل هذه التيار عائد للشيخ محمد سرور بن نايف بن زين العابدين ، المولود عام ١٩٣٨م في حوران في سوريا ، و الذي كان إخوانياً ( منضماً لجماعة الإخوان الإسلامية ) ، حتى حصلت أحداث عام ١٩٦٩م حين انشقت جماعة الإخوان في سوريا إلى قسمين ، بين حلب و دمشق ( الحلبيين بقيادة مروان حديد ، و الدمشقيين بقيادة عصام العطار ) ، حيث مال الشيخ محمد سرور لفرع دمشق ، ثم بعد أحداث الستينات ( نكبة الإخوان ) ، اضطر الشيخ إلى الخروج من سوريا للعمل في السعودية ( مدينة بريدة ) ، معلماً في المعهد العلمي في نفس المدينة .
و يذكر أن الشيخ أصبح قبل خروجه من أرضه غير مقبولٍ عند جماعة الإخوان في سوريا ، ولعل هذا السبب إن صح مع سابقه ، يوضح سبب خروج الشيخ منها .
من موقعه في السعودية ، قام الشيخ بالمزاوجة بين فكر الإخوان و السلفية ، أو بين ابن تيمية في مسائل العقائد خصوصاً ، و بين سيد قطب في الثورية و الحاكمية ، ليخرج لنا جيل نشط في السلفية ، يمتلك رؤيا مختلفه في مسائل الحاكمية عن المدرسة السلفية التقليدية .
أخرج الشيخ الكثير من الكتب تحت اسم مستعار " عبدالله غريب " ، و يعتبر كتابه " و جاء دور المجوس " من أشهرها ، كما أن الشيخ و رغبةً منه و من مريديه في بلورة رؤيتهم للدروس المستفادة من حياة النبي صلى الله عليه سلم ، قام بتأليف كتابٍ في السيرة اسمه " دراسات في السيرة النبوية " ، أصبح كمرجع تربوي للنشأ خاص بتلك الحقبة المهمة من التاريخ الإسلامي .
انتهى المطاف بالشيخ محمد سرور مقيماً في لندن ، بعد ترحال بين السعودية و الكويت و الأردن ، وأسس الشيخ مركز دراسات السنة النبوية ، ومجلة السنة ، و التي كانت ممنوعة في الكثير من البلاد العربية ، كما شارك في تأسيس المنتدى الإسلامي مع الشيخ محمد العبدة ، و هو المركز الذي يطبع مجلة البيان .
قصة خروجه من السعودية عام ١٩٩١م ( أزمة الخليج الثانية ) تضع أكثر من علامة استفهام حول حقيقة الأسباب الداعية للخروج والسفر إلى لندن ، ففي تلك الفترة ، انتشرت صوتيات تسيء إلى السرورية ورموزها المعروفين ، ولعل السبب يعود في حقيقته إلى رغبة الحكومة السعودية التخلص من وجود الشيخ لتفتيت التيار السروري المعارض للاستعانة بالقوات الأجنبية في الحرب .
للشيخ مواقف مشهورة مثل موقفه من أحداث الجزائر والتي وجهها في مقالته الشهيرة ( يا دعاة الجزائر لم يحن القطاف بعد ) في مجلة السنة عام ١٤١٢هجري .
تهتم السرورية بكتاب في ظلال القرآن كما هي جماعة الإخوان ، وهذا رابط بين التيارين ، ورغم أن السرورية سلفية في باب العقائد ، إلا أنها تغض الطرف عن الإشكاليات العقدية عند الأستاذ سيد قطب رحمه الله ( حسب الرؤية السلفية للعقيدة الصحيحة ) وتجعل من نظرته للحاكمية مدار الاستفادة منه .
تمتلك السرورية رصيداً عالياً من الكتابات والمفكرين ، بالمقارنة مع غيرها من التيارات والحركات السلفية الأخرى ، كما أن لها رؤيا تختلف بشكل كبير عن الجماعات السلفية الأخرى في مسائل الديموقراطية والتعددية ، ولعلها أكبر جماعة تكلمت عن هذه النقطة تحديداً من بين جماعات السلفية ، كما أن لها موقفاً متحفظاً جداً على شرعية الأنظمة العربية دون الدعوة للتكفير أو العنف .
اسم السرورية يطلقه في العادة خصوم هذا التيار ، وخاصة الجامية ( السلفية التقليدية ) ، وتتهم جماعة الإخوان بأنها هي من أطلقه عليهم لأنها أكبر المتضررين من قيام هذه الحركة بهذه الرؤيا المختلفة .
من نافلة القول أن السرورية تتكون من قسمين :
١) تنظيم غامض وغير معروف ( وهو ما يفيد به الكثير من المتابعين للحركات الإسلامية ) ويمثل النواة الصلبة للحركة .
٢) السرورية كفكرة لها أتباع كثيرون ، ومشاهير وإن لم يتبعوا الحركة تنظيمياً .
ودمتم بود .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق